مجدي تادروس .. اليهود فى القرآن.. المقال الثامن عشر.. كاتب القرآن يقر ويؤكد شجاعة اليهود ضد أدعاءاته وعدم أعترافهم بنبوة محمد

اليهود فى القرآن.. المقال 18 .. كاتب القرآن يقر ويؤكد شجاعة اليهود ضد أدعاءاته الكاذبة وعدم أعترافهم بنبوة محمد
مجدي تادروس
فى المقال السابق اليهود فى القرآن.. المقال 17 .. لم يُفضل كاتب القرآن المسلمين على اليهود والنّصارى عندما تفاخر كل فريق على الآخر ويأخذ بقَسَم (حلفان) بني إسرائيل .. الذى إستنتجنا فيه ان أن كاتب القرآن لم يُفضل المسلمين على اليهود والنّصارى عندما تفاخر كل فريق على الآخر بدينه بل يأخذ بقَسَم (حلفان) بني إسرائيل عند التنازع بين مسلم ليس عنده بينة ويهودي كما ورد فى النص القرآني الوارد فى (سورة العنكبوت 29 : 46):
” .. وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ“.
وأكد أن الإسلام ليس أفضل من اليهودية والمسلم أفضل من اليهودي!!!!!!!
وفى هذا المقال الثامن عشر نضع الأدلة والبراهين التى يؤكدها النص القرآني وأصح التفاسير الإسلامية بأن كاتب القرآن يقر ويؤكد شجاعة اليهود ضد أدعاءاته الكاذبة وعدم أعترافهم بنبوة محمد بالرغم من تهديده لهم بالقتل، بنصوص صريحة واضحة وهى كالأتي:
- ·بالرغم من الخطاب التهديدي الواضح الذى يوجهه كاتب القرآن لليهود حتى يعترفوا بنبوته كدين جديد .. قائلاً فى (سورة البقرة 2 : 40 – 44):
” يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ {التوراة} وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) “.
وبالرغم من كلمات التهديد مثل .. “وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ”.. “وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ”.. “أَفَلَا تَعْقِلُونَ” .. إلا أن اليهود كانوا أول الكافرين بالقرآن ورفضوا التصديق عليه كوحي إللهي.. وكما يقول كاتب القرآن “وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ “ ..
ويقول بن كثير فى تفسيره للنص:
” وَقَوْلُهُ ) وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(أَيْ : فَاخْشَوْنِ ؛ قَالَهُأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ .
وَقَالَابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى) وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(أَيْ أُنْزِلُ بِكُمْ مَا أُنْزِلُ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ آبَائِكُمْ مِنَ النِّقْمَاتِ الَّتِي قَدْ عَرَفْتُمْ مِنَ الْمَسْخِ وَغَيْرِهِ .
وَهَذَا انْتِقَالٌ مِنَ التَّرْغِيبِ إِلَى التَّرْهِيبِ ، فَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَالِاتِّعَاظِ بِالْقُرْآنِ وَزَوَاجِرِهِ ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ ، وَتَصْدِيقِ أَخْبَارِهِ ، وَاللَّهُ الْهَادِي لِمَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ : )وَآمِنُوا بِمَا أَنَزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ) ( مُصَدِّقًا ) مَاضِيًا مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ مِنْ ( بِمَا ) أَيْ : بِالَّذِي أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ مِنْ قَوْلِهِمْ : بِمَا أَنْزَلْتُهُ مُصَدِّقًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِنْ غَيْرِ الْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ) بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً (يَعْنِي بِهِ :
الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَسِرَاجًا مُنِيرًا مُشْتَمِلًا عَلَى الْحَقِّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
قَالَأَبُو الْعَالِيَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي قَوْلِهِ) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ(يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ يَقُولُ :
لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَقَتَادَة َنَحْوُ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ) وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ(قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : أَوَّلُ فَرِيقٍ كَافِرٍ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ .
قَالَابْنُ عَبَّاسٍ(وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) وَعِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِكُمْ .
وَقَالَأَبُو الْعَالِيَةِ
: يَقُولُ) وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) أَوَّلَ مَنْ كَفَرَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي مِنْ جِنْسِكُمْ أَهْلَ الْكِتَابِ بَعْدَ سَمَاعِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ بِمَبْعَثِهِ.
وَكَذَا قَالَالْحَسَنُ،وَالسُّدِّيُّ،وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَاخْتَارَابْنُ جَرِيرٍأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ : ( بِهِ ) عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ ، الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ : ( بِمَا أَنْزَلْتُ(.
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ ،
لِأَنَّ مَنْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْ كَفَرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ .
وَأَمَّا قَوْلُه) أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ(فَيَعْنِي بِهِ أَوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَاشَرَةً ، فَإِنَّ يَهُودَ الْمَدِينَةِ أَوَّلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ خُوطِبُوا بِالْقُرْآنِ ، فَكُفْرُهُمْ بِهِ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ جِنْسِهِمْ .”
ويقول البغوي فى تفسيره للنص:
” (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)فَخَافُونِي فِي نَقْضِ الْعَهْدِ .
وَأَثْبَتَ يَعْقُوبُ الْيَاءَآتِ الْمَحْذُوفَةَ فِي الْخَطِّ مِثْلَ فَارْهَبُونِي فَاتَّقُونِي ، وَاخْشَوْنِي وَالْآخَرُونَ يَحْذِفُونَهَا عَلَى الْخَطِّ
(وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ(يَعْنِي الْقُرْآنَ) مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ(أَيْ مُوَافِقًا لِمَا مَعَكُمْ يَعْنِي التَّوْرَاةَ فِي التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْأَخْبَارِ وَنَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَرُؤَسَائِهِمْ
) وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ(أَيْ بِالْقُرْآنِ يُرِيدُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ قُرَيْشًا كَفَرَتْ قَبْلَ الْيَهُودِ بِمَكَّةَ مَعْنَاهُ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ فَيُتَابِعْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى ذَلِكَ فَتَبُوءُوا بِآثَامِكُمْ وَآثَامِهِمْ ( وَلَا تَشْتَرُوا ) أَيْ وَلَا تَسْتَبْدِلُوا ( بِآيَاتِي ) بِبَيَانِ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَمَنًا قَلِيلًا) أَيْ عَرَضًا يَسِيرًا مِنَ الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ وَعُلَمَاءَهُمْ كَانَتْ لَهُمْ مَآكِلُ يُصِيبُونَهَا مِنْ سَفَلَتِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ زُرُوعِهِمْ وَضُرُوعِهِمْ وَنُقُودِهِمْ فَخَافُوا إِنْ هُمْ بَيَّنُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابَعُوهُ أَنْ تَفُوتَهُمْ تِلْكَ الْمَآكِلُ فَغَيَّرُوا نَعْتَهُ وَكَتَمُوا اسْمَهُ فَاخْتَارُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ) وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ( فَاخْشَوْنِي” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&surano=2&ayano=41
ومما سبق نستنتج من النص السابق أن محمد أراد يستمد مصدقيته من اليهود إلا أنهم رفضوا الأعتراف به كنبي صادق وبقرآنه المنحول وهذا ما سنوضحه فيما يلي:
عدم أعتراف اليهود بنبوة محمد
- حيث يؤكد كاتب القرآن أن محمد كان يسأل اليهود في الدّين .. فيقول فى (سورة آل عمران 3: 187 – 188):
” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)” .
يقول الطبري فى تفسيره للنص:
” وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ قَوَّمٌ مِنْ أَحْبَارِالْيَهُودِ ،كَانُوا يَفْرَحُونَ بِإِضْلَالِهِمُ النَّاسَ ، وَنِسْبَةُ النَّاسِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْعِلْمِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8337 – حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ،عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:
” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ” إِلَى قَوْلِهِ : “وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ، يَعْنِي فِنْحَاصَ وَأَشْيَعَ وَأَشْبَاهَهُمَا مِنَ الْأَحْبَارِ ، الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا يُصِيبُونَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَا زَيَّنُوا لِلنَّاسِ مِنَ الضَّلَالَةِ” وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، أَنْ يَقُولَ لَهُمُ النَّاسُ عُلَمَاءَ ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ عِلْمٍ ، لَمْ يَحْمِلُوهُمْ عَلَى هُدًى وَلَا خَيْرٍ ، وَيُحِبُّونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمُ النَّاسُ: قَدْ فَعَلُوا .
8338 –حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،عَنْ عِكْرِمَةَ :أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ :
وَلَيْسُوا بِأَهْلِ عِلْمٍ ، لَمْ يَحْمِلُوهُمْ عَلَى هُدًى .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَرِحُوا بِاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ : أَهْلُ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8339 – حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ ، أَخْبَرَنَاعُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ :
“ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا“ ، فَإِنَّهُمْ فَرِحُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : “قَدْ جَمَعَ اللَّهُ كَلِمَتَنَا ، وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنَّا أَحَدًا [ أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ بِنَبِيٍّ ] .
وَقَالُوا : “نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ، وَنَحْنُ أَهْلُ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ” ، وَكَذَبُوا ، بَلْ هُمْ أَهْلُ كُفْرٍ وَشِرْكٍ وَ افْتِرَاءٍ عَلَى اللَّهِ ،
قَالَ اللَّهُ : ” يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا“.
8340 – حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ ،عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ :
“ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ،
قَالَ : كَانَتِ الْيَهُودُ أَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَكَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ :
“أَنَّ مُحَمَّدً الَيْسَ بِنَبِيٍّ ، فَأَجْمِعُوا كَلِمَتَكُمْ ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ وَكِتَابِكُمُ الَّذِي مَعَكُمْ” ، فَفَعَلُوا وَفَرِحُوا بِذَلِكَ ، وَفَرِحُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8341 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ،عَنِ السُّدِّيِّ[ ص : 468 ]قَالَ :
كَتَمُوا اسْمَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفَرِحُوا بِذَلِكَ، وَفَرِحُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8342 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ،عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ :
كَتَمُوا اسْمَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَرِحُوا بِذَلِكَ حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ ، وَكَانُوا يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ فَيَقُولُونَ: “نَحْنُ أَهْلُ الصِّيَامِ وَأَهْلُ الصَّلَاةِ وَأَهْلُ الزَّكَاةِ ، وَنَحْنُ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ“ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ :
” لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” ، مِنْ كِتْمَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، أَحَبُّوا أَنْ تَحْمَدَهُمُ الْعَرَبُ ، بِمَا يُزَكُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ ، وَلَيْسُوا كَذَلِكَ .
8343 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَاعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ ،عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ ،عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ : سَأَلَ الْحَجَّاجُ جُلَسَاءَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ :
“ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِي يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” ،
قَالَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا ” وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا“،
قَالَ : هُوَ قَوْلُهُمْ : “نَحْنُ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ“ .
8344 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ،عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :
“لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ، أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ فَحَكَمُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، وَفَرِحُوا بِذَلِكَ ، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا . فَرِحُوا بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ ، وَيَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ ، وَيُطِيعُونَ اللَّهَ . فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُلِ مُحَمَّدٍصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” ، كُفْرًا بِاللَّهِ وَكُفْرًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ :
“لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” ، مِنْ تَبْدِيلِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ ، وَيُحِبُّونَ أَنْ يَحْمَدَهُمُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8345 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍ وقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ،عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ،عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
” لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا“ ،
قَالَ : يَهُودُ ، فَرِحُوا بِإِعْجَابِ النَّاسِ بِتَبْدِيلِهِمُ الْكِتَابَ وَحَمْدِهِمْ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ ، وَلَا تَمْلِكُ يَهُودُ ذَلِكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُمْ فَرِحُوا بِمَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى آلَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8346 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى ،عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:
“ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، قَالَ : الْيَهُودُ ،يَفْرَحُونَ بِمَا آتَى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
8347 –حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى الْعَطَّارِ ،عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : هُمُ الْيَهُودُ ،فَرِحُوا بِمَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ ،سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ ، فَفَرِحُوا بِكِتْمَانِهِمْ ذَلِكَ إِيَّاهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8348 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّعَلْقَمَةَ بْنَ أَبِي وَقَاصٍّ أَخْبَرَهُ : أَنَّمَرْوَانَ قَالَ لِرَافِعٍ : اذْهَبْ يَارَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَهُ : “لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا ، لَيُعَذِّبُنَا اللَّهُ أَجْمَعِينَ”! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :
مَا لَكَمَ وَلِهَذِهِ! إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ ،فَسَأَلَهَمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ مِمَّا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ . ثُمَّ قَالَ : ” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ” ، الْآيَةَ .
8349 – حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَ االْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ لِبَوَّابِهِ : يَارَافِعُ ،اذْهَبْ إِلَىابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَهُ :
“لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا ، لَنُعَذَّبَنَّ جَمِيعًا”!
فَقَالَابْنُ عَبَّاسٍ : مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ؟ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ! ثُمَّ تَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ :
“ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكُتَّابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ“إِلَى قَوْلِهِ :
“ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ ، فَخَرَجُوا وَقَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا قَدْ سَأَلَهُمْ عَنْهُ ، فَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ .
8352 – حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ،عَنِ الْأَعْمَشِ ،عَنْعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ،عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَىعَبْدِ اللَّهِف َقَالَ : إِنَّ كَعْبًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمْ تَنْزِلْ فِيكُمْ : ” لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا” ، قَالَ : أَخْبِرُوهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ وَهُوَ يَهُودِيٌّ .
قَالَأَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :
“ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” الْآيَةَ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : “عُنِيَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِيثَاقَهُمْ ، لَيُبَيِّنُنَّ لِلنَّاسِ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَكْتُمُونَهُ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ :
“لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا” الْآيَةَ ، فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِقِصَّتِهِمْ مَعَ اتِّفَاقِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ .
فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ : لَا تَحْسَبَنَّ ، يَامُحَمَّدُ ،الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمُ النَّاسَ أَمْرَكَ ، وَأَنَّكَ لِي رَسُولٌ مُرْسَلٌ بِالْحَقِّ ، وَهُمْ يَجِدُونَكَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ ، وَقَدْ أَخَذْتُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ بِالْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِكَ ، وَبَيَانِ أَمْرِكِ لِلنَّاسِ ، وَأَنْ لَا يَكْتُمُوهُمْ ذَلِكَ ، وَهُمْ مَعَ نَقْضِهِمْ مِيثَاقِي الَّذِي أَخَذْتُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، يَفْرَحُونَ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّايَ فِي ذَلِكَ ، وَمُخَالَفَتِهِمْ أَمْرِي ، وَيُحِبُّونَ أَنْ يَحْمَدَهُمُ النَّاسُ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ طَاعَةٍ لِلَّهِ وَعِبَادَةٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ ، وَاتِّبَاعٍ لِوَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ ، وَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَبْرِيَاءُ أَخْلِيَاءُ ، لِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ ، وَنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ ، لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًامِمَّا يُحِبُّونَ أَنْ يَحْمَدَهُمُ النَّاسُ عَلَيْهِ” فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” .
وَقَوْلُهُ : ” فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ“، فَلَا تَظُنَّهُمْ بِمَنْجَاةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَعْدَائِهِ فِي الدُّنْيَا ، مِنَ الْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَالرَّجْفِ وَالْقَتْلِ ، وَمَاأَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ ، وَلَا هُمْ بِبَعِيدٍ مِنْهُ ، كَمَا : –
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=3&ayano=188
يقول بن كثير فى تفسيره للنص:
” وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ لِلْعُلَمَاءِ أَنْ يَسْلُكُوا مَسْلَكَهُمْ فَيُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ ، وَيُسْلَكَ بِهِمْ مَسْلَكُهُمْ ،فَعَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَبْذُلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ ، الدَّالِّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَلَا يَكْتُمُوا مِنْهُ شَيْئًا ،فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ” مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ” .
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :
وَمَا لَكُمْ وَهَذِهِ ؟ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ تَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ :(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)وَتَلَاابْنُ عَبَّاسٍ :(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) الْآيَةَ .
وَقَالَابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ ، فَكَتَمُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ ، فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ .”
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=3&ayano=187
يؤكد القرطبي فى تفسيره للنص سؤال النبي لليهود:
” وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ : اذْهَبْ يَارَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَهُ : لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ .
فَقَالَابْنُ عَبَّاسٍ : مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ ! إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ .
ثُمَّ تَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِذَا أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ ; فَخَرَجُوا وَقَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ ، وَمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: نَزَلَتْ فِي عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَتَمُوا الْحَقَّ ، وَأَتَوْا مُلُوكَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا يُوَافِقُهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ،” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=3&ayano=188
يقول البغوي فى تفسيره للنص:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ ،أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ ،أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ،أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ،أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ،أَنَا هِشَامٌ ،أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُأَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ : اذْهَبْ يَارَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقُلْ لَهُ : لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَفَقَالَابْنُ عَبَّاسٍ :
مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ فَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتُحْمِدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ،
ثُمَّ قَرَأَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب) كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ) يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا (
قَالَعِكْرِمَةُ : نَزَلَتْ فِي فِنْحَاصَ وَأَشْيَعَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَحْبَارِ يَفْرَحُونَ بِإِضْلَالِهِمُ النَّاسَ وَبِنِسْبَةِ النَّاسِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْعِلْمِ وَلَيْسُوا بِأَهْلِ الْعِلْمِ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ :هُمُ الْيَهُودُ فَرِحُوا بِإِعْجَابِ النَّاسِ بِتَبْدِيلِهِمُ الْكِتَابَ وَحَمْدِهِمْ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ…
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُمُ الْيَهُودُ فَرِحُوا بِمَا أَعْطَى اللَّهُ آلَإِبْرَاهِيمَ وَهُمْ بُرَآءُ مِنْ ذَلِكَ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&surano=3&ayano=188
ويقول الشوكاني فى تفسيره فتح القدير للنص:
” أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا : أَنَّة مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ : اذْهَبْ يَارَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ : لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَا لَكَمَ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ ، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ تَلَا وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ الْآيَةَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ ، فَخَرَجُوا وَقَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=66&surano=3&ayano=188
ومما سبق نستنتج أن كاتب القرآن زعم أنه (محمد) مكتوب عنه فى التوراة وأن اليهود كتموا هذه الحقيقة عندما سئلهم (محمد) ليثبت للناس صدق دعوته بعد أن تملقهم وقال عنهم كل طيب من مدح وأنهم هم المنعم عليهم وورثة الأرض…. وغيره من مديح قد أوضحناه فى المقالات السابقة، إلا أنهم نقضوا الميثاق معه، ولم يخالفوا ضمائرهم ويشهدون بصدقه، وهم متأكدون أنه نبي كذاب، بل وأنكروا أن يكون مكتوب عنه فى التوراة التى بين أيديهم، وبالذات بعد أن شهد كاتب القرآن لهم فى أن يكونوا هم المرجعية له عند شكه كما ورد فى (سورة يونس 10 : 94):
” فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)“.
وإلى اللقاء فى:
اليهود فى القرآن.. المقال 19 .. كاتب القرآن يؤكد أن اليهود آختلفوا معه ورفضوا القرآن وشككوا فى مصداقيته
اسرار الاسلام اليهودي :عاشوراء هو عيد كيبور اليهودي