مجدي تادروس .. اليهود فى القرآن.. المقالة 20.. كاتب القرآن يدعي أن اليهود كتموا ما يدل على نبوة محمد فى التوراة لأضلال المُسلمين

اليهود فى القرآن.. المقالة 20.. كاتب القرآن يدعي أن اليهود كتموا ما يدل على نبوة محمد فى التوراة لأضلال المُسلمين
مجدي تادروس
فى المقال السابق اليهود فى القرآن.. المقال 19 .. كاتب القرآن يؤكد أن اليهود آختلفوا معه ورفضوا القرآن وشككوا فى مصداقيته,, الذى إستنتجنا فيه أنكاتب القرآن يشهد أن التوراة كانت موجودة عند اليهود كاملة دون تحريف أو نقصان.. ويدعي أنه مصدّقاً لها.. بل وأن التوراة شهادة حق عندهم من الله .. وهم يشهدون لها .. وعندهم العلم .. وهم يتلونها ويدرسونها.
إلا أنهم نقضوا الميثاق معه، ولم يخالفوا ضمائرهم ويشهدون بصدقه، وهم متأكدون أنه نبي كذاب، بل وأنكروا أن يكون مكتوب عنه فى التوراة التى بين أيديهم، وبالذات بعد أن شهد كاتب القرآن لهم فى أن يكونوا هم المرجعية له عند شكه كما ورد فى (سورة يونس 10 : 94):
” فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)“.
وفى هذه المقالة العشرين نضع الأدلة والبراهين التى يؤكدها النص القرآني وأصح الكتب والتفاسير الإسلامية بأن كاتب القرآن يدعي أن اليهود كتموا ما يدل على نبوة محمد فى التوراة لأضلال المُسلمين، بنصوص صريحة واضحة وهى كالأتي:
فيدعى كاتب القرآن قائلاً فى (سورة البقرة 2 :140):
” أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هـُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ ؟ ” .
يقول القرطبي فى تفسيره للنص:
” قَوْلُهُ تَعَالَى : وَمَنْ أَظْلَمُ لَفْظُهُ الِاسْتِفْهَامُ ، وَالْمَعْنَى: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ. مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِيُرِيدُ عِلْمَهُمْ بِأَنَّالْأَنْبِيَاءَ كَانُوا عَلَى الْإِسْلَامِ .
وَقِيلَ : مَا كَتَمُوهُ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَهُا قَتَادَةُ ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ“ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=2&ayano=140
يقول الطبري فى تفسيره للنص:
” وَهَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا احْتِجَاجٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىالْيَهُودِوَالنَّصَارَى ،الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ قِصَصَهُمْ . يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَامُحَمَّدُ – لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى:
أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ ، وَتَزْعُمُونَ أَنَّ دِينَكُمْ أَفْضَلُ مِنْ دِينِنَا ، وَأَنَّكُمْ عَلَى هُدَى وَنَحْنُ عَلَى ضَلَالَةٍ ، بِبُرْهَانٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ، فَتَدْعُونَنَا إِلَى دِينِكُمْ ؟ فَهَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى ذَلِكَ فَنَتْبَعَكُمْ عَلَيْهِ ،
أَمْ تَقُولُونَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى عَلَى دِينِكُمْ ؟ فَهَاتُوا – عَلَى دَعْوَاكُمْ مَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ ذَلِكَ – بُرْهَانًا فَنُصَدِّقَكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ يَامُحَمَّدُ – إِنِ ادَّعَوْا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى : أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ وَبِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَدْيَانِ ، أَمِ اللَّهُ ؟” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=2&ayano=140
يقول ابن الكثير مفسراً للنص:
” وَقَوْلُهُ ) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ(قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ:كَانُوا يَقْرَؤُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الذِي أَتَاهُمْ {التوراة} : إِنَّ الدِّينَ [ عِنْدَ اللَّهِ ] الْإِسْلَامُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا بُرَآءَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ ، فَشَهِدَ اللَّهُ بِذَلِكَ ، وَأَقَرُّوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِلَّهِ ، فَكَتَمُوا شَهَادَةَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ “ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=2&ayano=140
ويؤكد كاتب القرآن أدعائه قائلاً فى (سورة البقرة 2 :146):
” الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ {التوراة} يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَريقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ” .
يقول القرطبي فى تفسيره للنص:
” قَوْلُهُ تَعَالَى : وَ إِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّيَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَخُصَيْفٌ. وَقِيلَ : اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا آنِفًا” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=2&ayano=146#docu
يقول ابن كثير فى تفسيره للنص:
“(ليكتمون الحق(أي : ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم ) وهم يعلمون(“ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=2&ayano=146
يقول الشويكاني فى تفسيره فتح القدير الجزء الأول ص 102 مفسراً للنص:
” وَقَوْلُهُ : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُقِيلَ : الضَّمِيرُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيْ يَعْرِفُونَ نُبُوَّتَهُ .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ،
وَقِيلَ : يَعْرِفُونَ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ بِالطَّرِيقِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ الْأَوَّلَ .
وَعِنْدِي أَنَّ الرَّاجِحَ الْآخَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ الَّذِي سِيقَتْ لَهُ هَذِهِ الْآيَاتُ .
وَقَوْلُهُ : لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ . “
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=66&surano=2&ayano=146
يقول محمد الطاهر ابن عاشور فى تفسيره التحرير والتنوير الجزء الثاني ص 40 مفسراً النص:
” وَقَوْلُهُ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِالْعِنَادِ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا جَاءَ بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَمٌّ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ وَهَؤُلَاءِ مُعْظَمُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ قَبْلَ ابْنِ صُورِيَّا وَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَبَقِيَ فَرِيقٌ آخَرُ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيُعْلِنُونَ بِهِ وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَالْيَهُودِ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ،
وَمِنَ النَّصَارَى مِثْلُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَصُهَيْبٍ .
أَمَّا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكْتُمُوهُ فَلَا يُعْبَأُ بِهِمْ فِي هَذَا الْمُقَامِ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي قَوْلِهِ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَوَلَا يَشْمَلُهُمْ قَوْلُهُ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ.”
- ·ويكمل كاتب القرآن أدعائه على اليهود بكتمان الحق قائلاً فى (سورة البقرة 2 :159):
” إِنَّ {اليهود} الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ” .
يقول الطبري فى تفسيره للنص:
” الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ(
قَالَأَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا منَ الْبَيِّنَاتِ ” ، عُلَمَاءُ الْيَهُودِ وَأَحْبَارُهَا ، وَعُلَمَاءُ النَّصَارَى، لِكِتْمَانِهِمُ النَّاسَ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرَكِهِمُ اتِّبَاعَهُ وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
وَ”الْبَيِّنَاتِ ” الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ : مَا بَيَّنَ مِنْ أَمْرِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَبْعَثِهِ وَصِفَتِهِ ، فِي الْكِتَابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ أَهْلَهُمَا يَجِدُونَ صِفَتَهُ فِيهِمَا .
وَيَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِ “الْهُدَى ” مَا أَوْضَحَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَها عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ النَّاسَ الَّذِي أَنْزَلَنا فِي كُتُبِهِمْ مِنَ الْبَيَانِ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّتِهِ ، وَصِحَّةِ الْمِلَّةِ الَّتِي أَرْسَلْتُهُ بِهَا وَحَقِّيَّتِهَا ، فَلَا يُخْبِرُونَهُمْ بِهِ ، وَلَا يُعْلِنُونَ مِنْ تَبْيِينِي ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَإِيضَاحِيهِ لَهُمْ ، فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، “أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ” الْآيَةَ . كَمَا :
2370 – حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ – وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ – قَالَا جَمِيعًا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةُ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَأَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَخُوبَنَى سَلِمَةَ ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍأَخُوبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍأَخُوبَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، نَفَرًا مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ – قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ : عَمَّا فِي التَّوْرَاةِ،
وَقَالَابْنُ حُمَيْدٍ: عَنْ بَعْضِ مَا فِي التَّوْرَاةِ – فَكَتَمُوهُمْ إِيَّاهُ ، وَأَبَوْا أَنْ يُخْبِرُوهُمْ عَنْهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهِمْ : ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ” .
2371 –حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍوقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْعِيسَى، عَنِابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَ الْهُدَى “قَالَ : هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ .
2373 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى “قَالَ : كَتَمُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ ، فَكَتَمُوهُ حَسَدًا وَبَغْيًا . “
2374 –حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ : قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ،عَنْ قَتَادَةَ :
” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ” أُولَئِكَ أَهْلُ الْكِتَابِ ، كَتَمُوا الْإِسْلَامَ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ ، وَكَتَمُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
2374م – حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌ وقَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ،عَنِ السُّدِّيِّ“إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مَنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ” ، زَعَمُوا أَنَّ رَجُلًا مِنَالْيَهُودِ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ مِنَالْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ غَنْمَةَ ، قَالَ لَهُ : هَلْ تَجِدُونَ مُحَمَّدًا عِنْدَكُمْ ؟ قَالَ : لَا! قَالَ : مُحَمَّدٌ : “الْبَيِّنَاتُ ” . .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=2&ayano=159
يقول القرطبي فى تفسيره للنص:
” أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الَّذِي يَكْتُمُ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مَلْعُونٌ . وَاخْتَلَفُوا مَنِ الْمُرَادِ بِذَلِكَ ، فَقِيلَ : أَحْبَارُالْيَهُودِ وَرُهْبَانُ النَّصَارَى الَّذِينَ كَتَمُوا أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ كَتَمَ الْيَهُودُ أَمْرَ الرَّجْمِ”.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=2&ayano=159
ويقول ابن كثير فى تفسيره للنص:
” قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، كَتَمُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَلْعَنُهُمْ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى صَنِيعِهِمْ ذَلِكَ ، فَكَمَا أَنَّالْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، حَتَّى الْحُوتُ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ ، فَهَؤُلَاءِ بِخِلَافِ الْعُلَمَاءِ [ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ] فَيَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ مِنْ طُرُقٍ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ” . وَالذِي فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّهُ قَالَ : لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ أَحَدًا شَيْئًا ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) الْآيَةَ “ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=2&ayano=159
- ·ويؤكد كاتب القرآن نفس الأدعاء قائلاً فى (سورة البقرة 2 :174):
” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ {التوراة} وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ” .
ويقول القرطبي فى تفسيره للنص:
” قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ يَعْنِي عُلَمَاءَ الْيَهُودِ ، كَتَمُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِحَّةِ رِسَالَتِهِ ، وَمَعْنَى أَنْزَلَ : أَظْهَرَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَيْ سَأُظْهِرُ ، وَقِيلَ : هُوَ عَلَى بَابِهِ مِنَ النُّزُولِ ، أَيْ مَا أَنْزَلَ بِهِ مَلَائِكَتَهُ عَلَى رُسُلِهِ . وَيَشْتَرُونَ بِهِأَيْ بِالْمَكْتُومِ ثَمَنًا قَلِيلًا يَعْنِي أَخْذَ الرِّشَاءِ ، وَسَمَّاهُ قَلِيلًا لِانْقِطَاعِ مُدَّتِهِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الرِّشَاءِ كَانَ قَلِيلًا “ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=2&ayano=174
ويقول ابن كثير فى تفسيره للنص:
” يَقُولُ تَعَالَى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ)[مِمَّا يُشْهَدُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ]( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَاب)
يَعْنِي الْيَهُودَ الَّذِينَ كَتَمُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبِهِمُ التِي بِأَيْدِيهِمْ ، مِمَّا تَشْهَدُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ ، فَكَتَمُوا ذَلِكَ لِئَلَّا تَذْهَبَ رِيَاسَتُهُمْ وَمَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْعَرَبِ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ عَلَى تَعْظِيمِهِمْ إِيَّاهُمْ ، فَخَشُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ إِنْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ أَنْ يَتَّبِعَهُ النَّاسُ وَيَتْرُكُوهُمْ ، فَكَتَمُوا ذَلِكَ إِبْقَاءً عَلَى مَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ نَزْرٌ يَسِيرٌ ، فَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ بِذَلِكَ ، وَاعْتَاضُوا عَنِ الْهُدَى وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ بِذَلِكَ النَّزْرِ الْيَسِيرِ “.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=2&ayano=174
ويقول البغوي فى تفسيره للنص:
” قَوْلُهُ تَعَالَى ) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ(نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ وَعُلَمَائِهِمْ كَانُوا يُصِيبُونَ مِنْ سَفَلَتِهِمُ الْهَدَايَا وَالْمَآكِلَ وَكَانُوا يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ مِنْهُمْ فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِمْ خَافُوا ذَهَابَ مَأْكَلِهِمْ وَزَوَالَ رِيَاسَتِهِمْ فَعَمَدُوا إِلَى صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَيَّرُوهَا ثُمَّ أَخْرَجُوهَا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا نَظَرَتِ السَّفَلَةُ إِلَى النَّعْتِ الْمُغَيَّرِ وَجَدُوهُ مُخَالِفًا لِصِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَتَّبِعُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ) يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّتَهُ ( وَيَشْتَرُونَ بِهِ) أَيْ بِالْمَكْتُومِ ( ثَمَنًا قَلِيلًا) أَيْ عِوَضًا يَسِيرًا يَعْنِي الْمَآكِلَ الَّتِي يُصِيبُونَهَا مِنْ سَفَلَتِهِمْ ( أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) يَعْنِي إِلَّا مَا يُؤَدِّيهِمْ إِلَى النَّارِ وَهُوَ الرِّشْوَةُ وَالْحَرَامُ وَثَمَنُ الدِّينِ فَلَمَّا كَانَ يُفْضِي ذَلِكَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ فَكَأَنَّهُمْ أَكَلُوا النَّارَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصِيرُ نَارًا فِي بُطُونِهِمْ ( وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ لَا يُكَلِّمُهُمْ بِالرَّحْمَةِ وَبِمَا يَسُرُّهُمْ إِنَّمَا يُكَلِّمُهُمْ بِالتَّوْبِيخِ . وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِمْ غَضْبَانَ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ غَضْبَانَ ( وَلَا يُزَكِّيهِمْ) أَيْ لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ ) وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=86&idto=86&bk_no=51&ID=84
- ·ويؤكد كاتب القرآن أدعائه على اليهود بكتمان الحق لأضلال المُسلمون.. فيقول فى (سورة آل عمران 3 : 69 – 71):
” وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ { اليهود} لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) ” .
يقول بن كثير فى تفسيره للنص:
” يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَسَدِ الْيَهُودِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَبَغْيِهِمْ إِيَّاهُمُ الْإِضْلَالَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ وَبَالَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَعُودُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ مَمْكُورٌ بِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ : ( يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَأَيْ : تَعْلَمُونَ صِدْقَهَا وَتَتَحَقَّقُونَ حَقَّهَا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَأَيْ : تَكْتُمُونَ مَا فِي كُتُبِكُمْ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَتَتَحَقَّقُونَهُ .
) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ هَذِهِ مَكِيدَةٌ أَرَادُوهَا لِيَلْبِسُوا عَلَى الضُّعَفَاءِ مِنَ النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ ، وَهُوَ أَنَّهُمُ اشْتَوَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يُظْهِرُوا الْإِيمَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَيُصَلُّوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ ، فَإِذَا جَاءَ آخِرُ النَّهَارِ ارْتَدُّوا إِلَى دِينِهِمْ لِيَقُولَ الْجَهَلَةُ مِنَ النَّاسِ : إِنَّمَا رَدَّهُمْ إِلَى دِينِهِمُ اطِّلَاعُهُمْ عَلَى نَقِيصَةٍ وَعَيْبٍ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلِهَذَا قَالُوا : ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْيَهُودِ بِهَذِهِ الْآيَةِ : يَعْنِي يَهُودَ صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَكَفَرُوا آخِرَ النَّهَارِ ، مَكْرًا مِنْهُمْ ، لِيُرُوا النَّاسَ أَنَّ قَدْ بَدَتْ لَهُمْ مِنْهُ الضَّلَالَةُ ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا اتَّبِعُوهُ .
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِابْنِ عَبَّاسٍ : قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ : إِذَا لَقِيتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ فَآمِنُوا ، وَإِذَا كَانَ آخِرُهُ فَصَلُّوا صَلَاتَكُمْ ، لَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّوَالرَّبِيعِ وَأَبِي مَالِكٍ .
وَقَوْلُهُ ) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ(أَيْ : لَا تَطْمَئِنُّوا وَتُظْهِرُوا سِرَّكُمْ وَمَا عِنْدَكُمْ إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ وَلَا تُظْهِرُوا مَا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَيُؤْمِنُوا بِهِ وَيَحْتَجُّوا بِهِ عَلَيْكُمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَيْ هُوَ الَّذِي يَهْدِي قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَتَمِّ الْإِيمَانِ ، بِمَا يُنَزِّلُهُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ، وَالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَاتِ ، وَالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ ، وَإِنْ كَتَمْتُمْ – أَيُّهَا الْيَهُودُ – مَا بِأَيْدِيكُمْ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ فِي كُتُبِكُمُ الَّتِي نَقَلْتُمُوهَا عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ“ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=3&ayano=71
يقول القرطبي فى تفسيره للنص:
” نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِوَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ حِينَ دَعَاهُمُ الْيَهُودُ مِنْبَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ وَبَنِي قَيْنُقَاعَ إِلَى دِينِهِمْ . وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا. وَ ( مِنْ ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِلتَّبْعِيضِ . وَقِيلَ : جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَتَكُونُ ” مِنْ ” لِبَيَانِ الْجِنْسِ .
وَمَعْنَى لَوْ يُضِلُّونَكُمْأَيْ يُكْسِبُونَكُمُ الْمَعْصِيَةَ بِالرُّجُوعِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَالْمُخَالَفَةِ لَهُ . وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يُضِلُّونَكُمْ أَيْ يُهْلِكُونَكُمْ ; وَمِنْهُ قَوْلُالْأَخْطَلِ:
كُنْتَ الْقَدَى فِي مَوْجِ أَكْدَرَ مُزْبِدٍقَذَفَ الْأَتِيُّ بِهِ فَضَلَّ ضَلَالًا أَيْ هَلَكَ هَلَاكًا .
وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ نَفْيٌ وَإِيجَابٌ . وَمَا يَشْعُرُونَأَيْ يَفْطِنُونَ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى إِضْلَالِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ : وَمَا يَشْعُرُونَ أَيْ لَا يَعْلَمُونَ بِصِحَّةِ الْإِسْلَامِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا ; لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ ظَاهِرَةٌ وَالْحُجَجَ بَاهِرَةٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ“ .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=3&ayano=69
يقول الطبري فى تفسيره للنص:
” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ – جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ” وَدَّتْ ” تَمَنَّتْ ” طَائِفَةٌ ” يَعْنِي جَمَاعَةً ” مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ” وَهُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ مِنَالْيَهُودِ ، وَأَهْلُ الْإِنْجِيلِ مِنَ النَّصَارَى ” لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ” يَقُولُونَ : لَوْ يَصُدُّونَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَيَرُدُّونَكُمْ عَنْهُ إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ ، فَيُهْلِكُونَكُمْ بِذَلِكَ .
وَ ” الْإِضْلَالُ ” فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، الْإِهْلَاكُ ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ :( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)[سُورَةُ السَّجْدَةِ : 10 ] ، يَعْنِي : إِذَا هَلَكْنَا ” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=3&ayano=69
ويقول البغوي فى تفسيره للنص:
” قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ(نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍحِينَ دَعَاهُمُ الْيَهُودُ إِلَى دِينِهِمْ ، فَنَزَلَتْ وَدَّتْ طَائِفَةٌ)] تَمَنَّتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ] يَعْنِي الْيَهُودَ ( لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) عَنْ دِينِكُمْ وَيَرُدُّونَكُمْ إِلَى الْكُفْرِ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(.
) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ(يَعْنِي الْقُرْآنَ وَبَيَانَ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ) أَنَّ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَذْكُورٌ
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ( تَخْلِطُونَ الْإِسْلَامَ بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ ،
وَقِيلَ : لِمَ تَخْلِطُونَ الْإِيمَانَ بِعِيسَىعَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ الْحَقُّ بِالْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْبَاطِلُ؟
وَقِيلَ : التَّوْرَاةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى بِالْبَاطِلِ الَّذِي حَرَّفْتُمُوهُ وَكَتَبْتُمُوهُ بِأَيْدِيكُمْ( وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أَنَّمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينَهُ حَقٌّ
قَوْلُهُ تَعَالَى وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا(الْآيَةَ قَالَالْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ:تَوَاطَأَ اثْنَا عَشَرَ حَبْرًا مِنْيَهُودِ خَيْبَرَوَقُرَى عُيَيْنَةَوَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : ادْخُلُوا فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ بِاللِّسَانِ دُونَ الِاعْتِقَادِ ثُمَّ اكْفُرُوا آخِرَ النَّهَارِ وَقُولُوا : إِنَّا نَظَرْنَا فِي كُتُبِنَا وَشَاوَرْنَا عُلَمَاءَنَا فَوَجَدْنَا مُحَمَّدً الَيْسَ بِذَلِكَ ، وَظَهَرَ لَنَا كَذِبُهُ ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ شَكَّ أَصْحَابُهُ فِي دِينِهِمْ وَاتَّهَمُوهُ وَقَالُوا : إِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا بِهِ فَيَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ هَذَا فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ لَمَّا صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْيَهُودِ ، فَقَالَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِلِأَصْحَابِهِ : آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْ أَمْرِ الْكَعْبَةِ وَصَلُّوا إِلَيْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ اكْفُرُوا وَارْجِعُوا إِلَى قِبْلَتِكُمْ آخِرَ النَّهَارِ لَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهُمْ أَعْلَمُ فَيَرْجِعُونَ إِلَى قِبْلَتِنَا ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ عَلَى سِرِّهِمْ وَأَنْزَلَ ( وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ) أَوَّلَهُ سُمِّيَ وَجْهًا لِأَنَّهُ أَحْسَنُهُ وَأَوَّلُ مَا يُوَاجِهُ النَّاظِرَ فَيَرَاهُ ( وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(فَيَشُكُّونَ وَيَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ” .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&surano=3&ayano=69
نستنتج ونلاحظ فى النصوص السابقة أنها مليئة بالاتهامات لليهود والأدعائات الباطلة المبنية على الأوهام وبلا سند عقلاني .. فيقول ويدعى عليهم أنهم قد اختلفوا في التوراة وكانوا في شك منها مريب.. وهم يكشفون بعض الآيات ويخفون الكثير مما يعلمون.. وخطأهم الأكبر هـو موقفهم الرافض للقرآن.. وهم يكفرون بآيات الله.. يبيعونها ويشترون بها ثمناً قليلاً.. ويخفون شهادة كتبهم لمصداقية القرآن .. ويلبسون حق القرآن بالباطل.. ويقبلون من القرآن ما يروق لهم ويرفضون البعض الآخر.. أو ينبذونه وراء ظهورهم.. وكأن شهادة اليهود هي المقياس لصدق أرساليته كمبعوث إلهي والختم على صحة نبوته.. ولماذا كل هذه التهم التى يلصقها باليهود ونسى ما قال عنهم فى (سورة البقرة 2: 121):
” الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ { فعل مضارع أي الكتاب الموجود فى زمن محمد} حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ “.
وإلى اللقاء :
اليهود فى القرآن.. المقالة 21 .. كاتب القرآن يدعى على اليهود بأنهم حاقدون على المسلمين بسبب إيمانهم بكل ما أنزل لهم، بل ويكنون الغيرة والحسد والرغبة فى رِدة المؤمنين إلى الكفر والجاهلية!!