مجدي تادروس .. اليهود فى القرآن.. المقال 15 .. أحَلّ كاتب القرآن زواج الكِتابية اليهودية رغم أنه حَرّم الزواج من المُشرِكة

اليهود فى القرآن.. المقال 15 .. أحَلّ كاتب القرآن زواج الكِتابية اليهودية رغم أنه حَرّم الزواج من المُشرِكة
مجدي تادروس
فى المقال السابق اليهود فى القرآن.. المقال 14 .. كاتب القرآن مَيَّزَ وفَصَل اليهود عن الذين كفروا والذين أشركوا .. أستنتجنا فيه أن كاتب القرآن مَيَّزَ وفَصَل اليهود عن الذين كفروا والذين أشركوا والذين في قلوبهم مرض بنصوص صريحة واضحة، وسوف يتعجب القأرئ من التناقض الواضح فى النصوص القرآنية التى ينقلب فيها محمد على اليهود والتى سوف نتعرض لها فى مقالات تالية عن اسباب العداوة بين محمد واليهود والتى تفضح بشرية القرآن وأن كاتبه متقلب المزاج متغير غير ثابت على المبدأ وعنده ظل دوران، وقد دان نفسه فى (سورة آلنساء 4 : 82):
” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا “.
وفى هذا المقال 15 نضع الأدلة والبراهين التى يؤكدها النص القرآني وأصح التفاسير الإسلامية بأن كاتب القرآن أحلَ زواج الكِتابية اليهودية رغم أنه حَرّم الزواج من المُشرِكة بنصوص صريحة واضحة وهى كالأتي:
وهذا أيضاً يدخل في موضوع الفصل والتّمييز بين أهل الكتاب {اليهود} وبين الذين كفروا والذين أشركوا .. فيقول كاتب القرآن في (سورة المائدة 5 : 5):
” الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ” .
يقول ابن كثير فى تفسيره للنص:
“وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ“هَلْ يَعُمُّ كُلَّ كِتَابِيَّةٍ عَفِيفَةٍ ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً؟ حَكَاهُابْنُ جَرِيرٍعَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ ،
مِمَّنْ فَسَّرَ الْمُحْصَنَةَ بِالْعَفِيفَةِ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ هَاهُنَا الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِذَلِكَ : الذِّمِّيَّاتُ دُونَ الْحَرْبِيَّاتِ;
https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura5-aya5.html
ويقول ابن قيم الجوزية فى كتابه أحكام أهل الذمة – الجزء الثاني – فصل جَوَازُ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ – ص 794 – 797:
وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى“ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ“، وَالْمُحْصَنَاتُ هُنَا هُنَّ الْعَفَايِفُ ، وَأَمَّا الْمُحْصَنَاتُ الْمُحَرَّمَاتُ فِي ” سُورَةِ النِّسَاءِ ” فَهُنَّ الْمُزَوَّجَاتُ .
وَقِيلَ : الْمُحْصَنَاتُ اللَّاتِي أُبِحْنَ هُنَّ الْحَرَائِرُ ، وَلِهَذَا لَمْ تَحِلَّ إِمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ ذَكَرَ الْإِحْصَانَ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ ، فَقَالَ” إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ” ، وَهَذَا إِحْصَانُ عِفَّةٍ بِلَا شَكٍّ ، فَكَذَلِكَ الْإِحْصَانُ الْمَذْكُورُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الْمَطَاعِمِ ، وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الْمَنَاكَحِ ، فَقَالَ تَعَالَى “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ“.
وَالزَّانِيَةُ خَبِيثَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَاللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ الْخَبَائِثَ مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ ، وَالْمَنَاكَحِ ، وَلَمْ يُبِحْ لَهُمْ إِلَّا الطَّيِّبَاتِ ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ أَبَاحَ تَزْوِيجَ الزَّوَانِي ، وَقَدْ بَيَّنَّا بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ لَنَا الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَفَعَلَهُ أَصْحَابُ نَبِيِّنَا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ نَصْرَانِيَّةً ، وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِنَصْرَانِيَّةً ، وَتَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ يَهُودِيَّةً .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ : سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْمُسْلِمِ يَتَزَوَّجُ النَّصْرَانِيَّةَ ، أَوِ الْيَهُودِيَّةَ ؟
فَقَالَ : مَا أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشْرِكَاتِ الْوَثَنِيَّاتُ .
قَالُوا : وَأَهْلُ الْكِتَابِ لَا يَدْخُلُونَ فِي لَفْظِ ” الْمُشْرِكِينَ ” فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى .
قَالَ تَعَالَى : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) ، وَقَالَ تَعَالَى) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).
وَكَذَلِكَ الْكَوَافِرُ الْمَنْهِيُّ عَنِ التَّمَسُّكِ بِعِصْمَتِهِنَّ إِنَّمَا هُنَّ الْمُشْرِكَاتُ، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ زَوْجَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذْ ذَاكَ ، وَغَايَةُ مَا فِي ذَاكَ التَّخْصِيصُ ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ .
الْجَوَابُ الثَّانِي : جَوَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ صَالِحٍ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، وَقَالَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَهِيَ آخِرُ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) .
https://islamweb.org/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=167&bk_no=105&flag=1
ويقول البغوي فى تفسيره للنص:
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ(هَذَا رَاجَعٌ إِلَى الْأَوَّلِ مُنْقَطِعٌ عَنْ قَوْلِهِ : ” وَطَعَامُكُمْ حَلٌّ لَهُمْ ” .
اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ” الْمُحْصَنَاتِ ” فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُنَّ الْحَرَائِرُ ، وَأَجَازُوا نِكَاحَ كُلِّ حُرَّةٍ ، مُؤْمِنَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً ، فَاجِرَةً كَانَتْ أَوْ عَفِيفَةً ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ : لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِنِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ” فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) “سُورَةُ النِّسَاءِ ، 25 ) جَوَّزَ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً ، وَجَوَّزَ أَكْثَرُهُمْنِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ الْحَرْبِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا يَجُوزُ وَقَرَأَ ” قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” إِلَى قَوْلِهِ ” حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ” (التَّوْبَةِ ، 29 ) ، فَمَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ حَلَّ لَنَا نِسَاؤُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا فَلَا يَحِلُّ لَنَا نِسَاؤُهُ .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ : الْعَفَائِفُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ حَرَائِرَ كُنَّ أَوْ إِمَاءً وَأَجَازُوا نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ ، وَحَرَّمُوا الْبَغَايَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْكِتَابِيَّاتِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ ،وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : إِحْصَانُ الْكِتَابِيَّةِ أَنْ تَسْتَعِفَّ مِنَ الزِّنَا وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ .
) إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ(مُهُورَهُنَّ) مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ(غَيْرَ مُعَالِنِينَ بِالزِّنَا ، )وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) أَيْ : يُسِرُّونَ بِالزِّنَا ، قَالَ الزَّجَّاجُ : حَرَّمَ اللَّهُ الْجِمَاعَ عَلَى جِهَةِ السِّفَاحِ وَعَلَى جِهَةِ اتِّخَاذِ الصَّدِيقَةِ ، وَأَحَلُّهُ عَلَى جِهَةِ الْإِحْصَانِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ .
https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=384&idto=384&bk_no=51&ID=372
ومما سبق نستنتج أن كاتب القرآن قد أحل زواج الكِتابية في الوقت الذي حَرّم فيه الزواج من المُشرِكة حَتّى تؤمن . بنصوص صريحة واضحة، ولكن العجب فى أهل التى أحل كاتب القرآن نكاحها، عليهم أن يقوموا بدفع الجزية حتى يعصموا دمائهم ومالهم من النهب والقتل، بل ويدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون أى أذلاء محقرين كما ورد فى النص القرآني الوارد فى (سورة التوبة 9 : 29):
” قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)“.
وإلى اللقاء فى المقال 16 : ” اكتفى كاتب لليهود بدفع الجزية في الوقت الذي أمر فيه بقتال المشركين والكفار“.