دراسات قرأنية

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [1/2]

 

Elina Saad

 

 

إثبات بالدليل القاطع بشرية اللأية القرآنية :

“إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (سورة الحجر 15 : 9) .

EnnaAnzallnahAlZekrp1 2

 


كل المسلمين يعتقدون أن القرآن هو نفسه المنزل من عند الله الى محمد حرفياً ، وعندما تأتي إليهم بروايات مثبتة تروي عن ايات ضائعة من القرآن و التي تثبت مما لا يدعو للشك أن القرآن الأول ليس بالشكل الحالي، يبررون هذا بألف مبرر،  واحداها أسطورة الأحرف السبع ،اذ كان حرق عثمان للمصاحف نقطة فاصلة في تاريخ النص القرآني، قبله تعددت المصاحف وتنوعت في الأمصار المختلفة ، وأُطلق على هذا التنوع تعدد الأحرف في التراث الإسلامي ، أو كما جرت الأسطورة الإسلامية … بالأحرف السبعة، وبعده تعددت القراءات والكلمات والحروف تشكيلا ولفظا ومعنى .

وعلى الرغم من شيوع مصطلح الأحرف السبعة، فلم يتفق المسلمون على تعريف صريح لهذا المفهوم (الأحرف السبعة)، ربما لأنها فقدت إلى الأبد بحرق عثمان لستة منها، ومعها فُقِد تعريفها ومعناها، كل حججهم غير عقلانية و غير منطقية ،وغير علمية ، لاننا أمام قرآن ناقص .

 لكن السؤال هو: على أي أساس اخترت ان تقول هذا؟

ما هو الطرف الثالث الذي لجأت إليه لتختار القول ان القران واحد أصلي ، وان عثمان احتفظ بقراءة واحدة ؟

هل تعلم أنك تستخدم المنطق الدائري دون أن تشعر؟

المغالطة المنطقية الإستدلال الدائري في هذه القضية هو ببساطة أنك تبحث عن الرواية التي تجعل القرآن صحيحا ً وأصيلا دون تغيير أو نقصان، وذلك هو الإستدلال الدائري بعينه. لماذا؟ ببساطة لأن:

 أ- لماذا يجب ان أن يكون القران منزلاً بأحرف، لأن الاية تقول : انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون ” لأن القرآن كتاب يجب أن يكون صحيحاً .

ب- لماذا يجب أن يكون القرآن صحيحاً: لأن القرآن نزل من عند الله .

جـ – لماذا نقول أن القرآن نزل من عند الله وليس من تأليف محمد أو مكتوب وتلاعب به الصحابة : لأن القرآن دوماً صحيح ولا يوجد فيه أخطاء.

 وبذلك نكون قد عدنا إلى النقطة الأولى. وذلك لا يختلف على الإطلاق عن قول أن القرآن صحيح لأن القرآن صحيح (بالاختصار الرياضي)، ويشبه المقارنة بين كأس الماء وكأس الماء نفسها… فالنتيجة دوماً صفر!!! ولا يوجد نتيجة حيادية لذلك هذا النوع من الاستدلال ليس له أي معنى.

أي بعبارة أخرى: كل كلام يعتمد تفسيره على روايات غير منطقية هو كلام غير منطقي وعديم الفائدة لأنه لا يلجأ إلى طرف ثالث وليس له مرجعية صحيحة.

يتباهى المسلمون في كل مناسبة بهذه الآية .

ويعد القران المرجع الوحيد والاوحد لمظاهر حياتهم اليومية ايمانا منهم بانه يحتوي على كل الحلول ، يمكن إيجازه بالكلمة التي وجهها الرئيس محمد أنور السادات لإذاعة القرآن في 31 مايو 1976:

«إن الإسلام ليس مجرد عبادات ومناسك ومواعظ خلقية وتلاوة آلية لكتاب الله. لا، إن قرآننا موسوعة كاملة لم يترك جانبا من الحياة أو الفكر أو السياسة أو المجتمع أو الأسرار الكونية أو الغوامض النفسية أو شؤون المعاملات والأسرة إلا قال فيه رأياً وحكماً. ومعجزة التشريع القرآني هي صلاحيته لكل عصر، ومرونته في مواجهة كل التحولات، ومعجزة الإسلام كدين هي قدرته المستمرة على التفاعل والعطاء والتأثير». جريدة الأهرام 1 يونيو 1976، ص 6.


مما يجعلهم في اشد درجات الحماس عندما يتناقشون في مسائل العقائد، لاسيما قضية التحريف ،خاصة مع المسيحيين و اليهود على حد السواء. متهمين إياهم بالتحريف. ولا ندري بأي منهج علمي يستندون في زعمهم, بيد إن هذا الزعم بات من الحقائق المسلم بها عند المسلمين العوام . في حين ان كتبهم : سنة و شيعة ,تعج بأحاديث عن الآيات الضائعة في القران والآيات الناقصة .

مع العلم أنها روايات صحيحة , ولا ندري إن كان المسلم قادرا على رفع التحدي ليثبت لنا بالبرهان الساطع و الدليل القاطع بأصلية نصوص القران, دون تعرضه للتغيير والتبديل والتعديل عبر التاريخ خصوصاً في ظل الصراعات التي عرفها المجتمع الإسلامي ـ دولة الإسلام في المدينة ـ بعد وفاة نبي الإسلام. وما نتج عنها انشقاق صف المسلمين ليتغير فيما بعد مصيرهم إلى اليوم, ونحن نعلم أن القران لم يدون في حياة نبي الإسلام. لكن لا باس سنأخذ هذا الأمر كفرضية للاستقصاء والتحقيق في كتب التراث مروراً بتاريخ مخطوطات القران.

اتهام المسلمين لنا بتحريف الكتاب المقدس، وعجزهم على الاقتراب من حقل الألغام الذي وضعوا فيه القران. فرض علينا مسؤولية الإجابة عن تلك الأسئلة خصوصا وأننا المتهمين وهم العاجزين ….

والشيء الغريب في أمة الإسلام هو : انهم يتهموننا بتحريف الكتاب المقدس في الوقت التي تعتبر فيه مسالة سلامة القران من التحريف  من المسائل الخلافية الكبرى بين أهل السنة والشيعة .

والأغرب من ذلك هو : إجماع الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين وكبار الصحابة والتابعين على وقوع التحريف في القران في الوقت الذي يتهموننا نحن بتحريف الكتاب المقدس. أليس هذا شيء مضحك حقا ؟.. لقد شهدوا جميعهم على ان القران قد حرفة كلماته عن موضعها، وقد زيد فيه وانقص منه وأقحم عليه وبدلت كلماته وحددت أحرفه واقتصرت على حرف بعد ان وسعها محمد إلى سبعة أحرف  بأمر من ربه.

وان صحابة محمد لم يجمعوا القرآن كما انزل على نبيهم بل اختلفوا فيه وبسببه لدرجة الاقتتال!.

نعم أنها حقائق سوف نعمل جاهدين على إظهارها بشكل واضح وموثق وذلك من خلال بحثنا هذا. والله من وراء القصد.

لأسئلة كثيرة والأجوبة عليها سخيفة لان التهمة أصلا قائمة على أسس هشة وباطلة لم تتجاوز حد الأقاويل الساذجة والعنعنة المملة .

كما فشل المسلمون في تقديم براهين تثبت التحريف المزعوم  والمنسوب للكتاب المقدس .
هكذا أيضا فشلوا في إثبات سلامة قرانهم من التحريف.

ان مسألة  حفظ الله  للقرآن سالماً من التحريف، تتطلب من المسلمين الإجابة على العديد من الأسئلة التوضيحية من تلك الأسئلة :

1) هل القران الذي بين أيادي المسلمين اليوم  والذي جمعه الجامعون في إصداراته المختلفة على أيام ابو بكر وعمر وعثمان  والحجاج  بن يوسف الثقفي، هو نفس القران الذي انزل على النبي العربي وكما تفوه  به ؟؟؟.

بمعنى آخر اكثر دقة ووضوحاً: {هل القرآن الذي بين أيادي المسلمين اليوم، هو نفس القران الذي انزل على النبي العربي، من حيث ترتيب نزول سوره  وآياته، ومن حيث وضع منسوخه قبل ناسخه، وسوره المكية قبل المدنية والنازل منه قبل اللاحق؟. 

2) هل جمع الجامعون القران بأحرفه السبعة الذي انزل عليها القران، آم اقتصروا على حرف دون البقية ؟. 
3) هل تكفي آية 9 من سورة الحجر {انا نحن أنزلنا الذكر وانا له لحافظون} لإثبات صحة القران  ولنفي التحريف عنه دون الرجوع إلى القضايا التاريخية الأخرى المتعلقة بكيفية نزوله وجمعه ونقله؟ وحفظه .
بمعنى آخر : 
4) ما هي اقدم مخطوطة قرآنية لدينا ؟. 
5)  ما هي الفترة بين هذه المخطوطة وبين وفاة محمد؟ 
6)  كم عدد النسخ الموجودة منها ؟ واين هي الآن ؟. 
7) هل هناك مخطوطات أخرى قديمة ؟. 
8) هل تتفق المخطوطات فيما بينها ؟. 
9) هل تتفق المخطوطات مع ما لدينا الآن؟ 
10) ما هي أقدم الكتابات الإسلامية التي وصلت لنا عن القرآن؟ 
11)  هل أتفق المسلمين على أن ما بين أيديهم ثابت نقله؟ 
12) هل تتفق معلوماتنا الأركيولوجية مع ما جاء في القرآن؟ 
13) هل شهادة القران لنفسه مقبولة وكافية؟ وان كانت مقبولة وكافية، فهل هذا يعني ان شهادة الكتاب المقدس عن نفسه مقبولة وكافية أيضا ؟. 

ام أن أمر القبول والاكتفاء مقتصر فقط على القران  والمسلمين دون سواهم؟.
هل تجوز شهادة المتهم ببراءة نفسه ؟.
بمعنى : هل من المنطق  أن تثبت سلامة القرآن من القرآن أو سلامة الإنجيل من الإنجيل أو كتاب بوذا من كتاب بوذا … ؟ .

أسئلة كثيرة ومحيرة  ما زالت تبحث عن أجوبة منطقية وجريئة منذ وفاة محمد وإلى اليوم. 

أسئلة تجعل الذي يقترب منها كالذي يقترب من حقل ألغام تتطاير أشلائه ويقتل ويموت وهو كافر. 

” ( كل من امتهن القران أو ادعى اختلافه أو اختلاقه، أو ادعى القدرة على مثله أو إسقاط حرمته، فهو كافر مرتد عن دين الله) ” .

راجع: البحر الرائق 5/133-134 مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج4/135  اللمعة الدمشقية 9/334.

1- أولا علينا أن نحدد  المعنى اللغوي لكلمة ” تحريف ” 

قالوا التحريف بالشيء أمالته والعدول به عن موضعه إلى جانب، مأخوذ من حرف الشيء بمعنى طرفه وجانبه قيل في القران :

” ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه”(سورة الحج 22 : 11) . 

قال الزمخشري: آي على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة  كالذي يكون على طرف العسكر، فان أحس بظفر وغنيمة قر واطمأن ، والا فر وطار على وجهه.

راجع الكشاف 2/146. الإتقان للسيوطي 4: 210 . التبيان للطوسي 1: 24. 

وقيل أيضا: تحريف الكلام: تفسيره على غير وجهه، آي تأويله بما لا يكون ظاهراً فيه تأويلات من غير دليل. 

والتحريف هو أيضا تحميل اللفظ على معنى يخالف ظاهره من غير ان يقوم دليل إرادة هذا المعنى . 

قال الراغب الاصفهاني : وتحريف الكلام ان تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين .

راجع مفردات الراغب 112.

وهذا يعني ان اصل التحريف في اللغة يراد به تبديل المعنى وبهذا المعني جاء في القران: “يحرفون الكلام عن مواضعه” (سورة المائدة 5 : 13) و(سورة النساء 4 : 46) .

أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة منها : التحريف الترتيبي : أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر. 

منها تحريف المعنى وتبديله إلى ما يخالف ظاهر لفظه،  وهذا يشمل التفسير بالرأي وكل من فسر القران بخلاف حقيقته وحمله على غير معناه فهو تحريف. 

قال رسول الله: « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ .

راجع : الكشاف 3 : 146 .

منها تحريف اللفظ : وهو يشمل كل من الزيادة آو النقيصة، والتغيير والتبديل، وتقسيم ذلك فيما يأتي: 

التحريف بالزيادة : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا  ليس من الكلام المنزل . 

1- الزيادة في الآية بحرف آو اكثر  . 

2- الزيادة في الآية بكلمة آو اكثر. 

3- الزيادة في السورة الواحدة . 

4- الزيادة في مجموع السور . 

التحريف بالنقص : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل على النبي ، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً ، أو نسياناً ، وقد يكون هذا البعض حرف أو كلمةً أو آية أو سورة . 

1- النقص في الآية بحرف آو اكثر. 

2- النقص في الآية بكلمة آو اكثر. 

3- النقيصة في السورة الواحدة . 

4- النقيصة في مجموع السور. 

التحريف في تبديل كلمة بدل أخرى . 

التحريف في تبديل حرف بآخر. 

التحريف في تبديل حركة بأخرى. 

هذا معنى التحريف وأقسامه كما عرفها وبينها علماء المسلمين. 

دون ان نخوض في تاريخ جمع القران ومراحل الجمع وتطوره عبر مراحل فترات الخلفاء، نكتفي بسرد اهم روايات التحريف من كتب السنة و لاننا سنخصص جزاء من تاريخ و مراحل جمع القران على حدى ، حتى يتمكن القارىء من المتابعة دون تشتيت .

والسؤال هنا هو : هل ينطبق معنى التحريف هذا  على سور وآيات وكلمات القران ؟. 

الجواب : نعم و بنصوص و روايات من كلا الجانبين . 

1 – التحريف بروايات السُنة 

رغم تكفل رب الكعبة بالحفاظ على سلامة القرآن سالماً من التحريف. (انا نحن انزلنا الذكر وانا له لحافظون) الحجر 9. 

إلا ان مسألة سلامة القران من التحريف تعتبر من اكبر واعمق المسائل الخلافية ما بين اكبر فرق المسلمين ( السنة والشيعة) 

فأهل السنة ينزهون القران بالسان فقط. 

والشيعة تنسب لأهل السنة (الصحابة) تحريف القران من اجل  إخفاء فضائل أهل البيت وأحقية علي في الخلافة. 

والشيء الغريب والملفت للنظر حقا هو  أن طرفين النزاع (أهل السنة والشيعة) يثبتون تهمة تحريف القران كلا من مصادرهم . فالشيعة تتهم أهل السنة بتحريف القران للأسباب التي ذكرنا ويدعمون قولهم هذا من مصادر أهل السنة . والعكس تماما بالنسبة لأهل السنة. 

والنتيجة هي أن علماء أهل السنة والشيعة قد اجمعوا على تحريف القران . هذا ما نطقت به أمهات كتب ومراجع الطرفين.

نبدا بأهم اصنام المسلمين بعد القران وهي كتب الصحيحين ، صحيح مسلم و صحيح البخاري ولكي نعلم اهمية هذين المرجعين, سنستعرض ما أجمع عليه عموم الأمة عنهما.  

قال الذهبي  والسرخسي، وابن تيمية، وابن الصلاح قد صرّحوا بأنّ ما في الصحيحين يفيد القطع، ذكر هذا الكشميري في فيض الباري على صحيح البخاري تحت عنوان : (القول الفصل في أنَّ خبر الصحيحين يفيد ). وقال: (واعلم أنّه انعقد الإجماع على صحّة البخاري ومسلم) .

راجع فيض الباري، للكشميري الديوبندي 1 : 57 

ونجد ابن خلدون يصرح في تاريخه بأنَّ الإجماع قد اتّصل في الأمة على تلقي الصحيحين بالقبول والعمل بما فيهما ، ثم قال : (وفي الإجماع أعظم حماية ، وأعظم دفع)

راجع تاريخ ابن خلدون 1:556الفصل 52. 

وفي عمدة القاري (اتّفق علماء الشرق والغرب (يعني : علماء العامّة) على أنّه ليس بعد كتاب الله تعالى أصحّ من صحيحي البخاري ومسلم) .

راجع عمدة القاري شرح  صحيح البخاري ، للعيني 1: 5. فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني: 381 من المقدمة. عمدة القاري شرح صحيح البخاري 1 : 8 و 45  إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، القسطلاني 1 : 29 . وفيات الأعيان لابن خلكان 4: 208. صحيح مسلم بشرح النووي ، النووي الشافعي 1: من المقدمة  كشف الظنون ، لحاجي خليفة 1 : 641.

كما كان الكافي وغيره من كتب الحديث عند الشيعة ، شاهد عدل على دعوى تحريف القران . هكذا أيضا سيكون البخاري ومسلم. شهود عدل على دعوة التحريف عند أهل السنة

عن ابن عباس: قال عمر لقد خشيت ان يطول بالناس زمان حتّى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله… صحيح البخاري رقم 6441 كتاب المحاربين . 

وعن عكرمة… قال: لولا ان يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي.

صحيح البخاري بعد رقم 6748 كتاب الاحكام. 

برواية اخرى عن عمر نقرأ  :

وعن عمر بن الخطاب أيضاً : إنّ اللّه بعث محمد ( ص ) بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل اللّه : آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها ، فلذا رجم رسول اللّه ( ص ) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : واللّه مانجد آية الرجم في كتاب اللّه فيضلّوا بترك فريضة أنزلها اللّه . . . ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب اللّه : « أن لاترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم » .

صحيح البخاري : 8 / 26 ، كتاب الفرائض باب من أصاب ذنباً دون الحدّ .

عمر يرفض تدوين اية الرجم بحجة واهية اذ نقرأ في الرواية التالية  :

عن سعيد بن المسيّب عن عمر قال : رجم رسول اللّه ، ورجم أبو بكر ورجمت ولو لا أنّي أكره أن أزيد في كتاب اللّه لكتبته في المصحف ، فإنّي قد خشيت أن تجى أقوام لا يجدونه في كتاب اللّه فيكفرون به .

 رواه الترمذي وقال حسن صحيح . الاتقان : 1 / 101 ، وعون المعبود : 10 / 20 . صحيح الترمذي كتاب الحدود : 2 / 443 ح 1457 باب ما جاء في تحقيق الرجم ، كنز العمال : 5 / 430 رقم 13515 عن ( ت ق ) وقال ( ت ) حسن صحيح وروى عنه من غير وجه عن عمر .

عن عمر كذلك بطل روايات التحرييف بعد عائشة نقرأ :

ـ ثم انّا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: (أن لا ترغبوا عن ابائكم فانّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) أو (أن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم…). صحيح البخاري رقم 6442 كتاب المحاربين .

عن عمر بن الخطاب :

... فكان مما أُنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلنا، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فاخشى ان طال بالناس زمان ان يقول قائل: مانجد الرجم في كتاب الله… وانّ الرجم في كتاب الله حق.

صحيح مسلم 11: 191 كتاب الحدود.

عن عائشة:

لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله  وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.

صحيح البخاري رقم 1945 كتاب النكاح.

معظم التيارات الإسلامية تنادي بتطبيق الشريعة الاسلامية في بلدانها , فكيف سيتصرفون مع حد الرجم الغير موجود أساسا في كتابهم . ؟

ناهيك عن ضياع آيات من قرانهم نصا ,فنقرأ في السيوطي مايلي  قال السيوطي : وأخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف .

الإتقان : 1 / 121 ، مجمع الزوائد : 7 / 163 ، الدر المنثور : 6 / 422 ، المعجم الأوسط : 6 / 361 . 

مع أنّ القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، قال القرطبي : وأمّا عدد حروفه وأجزائه فروى سلام أبو محمد الحماني ، أنّ الحجّاج بن يوسف جمع القُرّاء والحُفّاظ والكُتّاب ، فقال : أخبروني عن القرآن كلّه كم من حرف هو ؟ . 

قال : وكنت فيهم ، فحسبنا فأجمعنا على أنّ القرآن ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرفاً ،

( 740 / 340 ) . تفسير القرطبي : 1 / 64 ، وتفسير ابن كثير : 1 / 8 .

ولا زلنا مع كوارث و مفاجئات السيوطي . عائشة لها  رأي اخر عن الايات الضائعة . اذ نقرأ في السيوطي عن حذيفة قال : قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدّون سورة الأحزاب ؟ قلت ثنتين أو ثلاثاً وسبعين ، قال : إن كانت لتقارب سورة البقرة ، وإن كان فيها لآية الرجم .

الدر المنثور : 5 / 180 ، كنز العمال : 2 / 480 ح 4550. 

وروى السيوطي أيضاً عن عائشة قالت :

كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مئتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف ، لم يقدر منها إلّا ما هو الآن –  الدر المنثور : 5 / 180 ، نشر : دار المعرفة – بيروت . ( 6 / 650 ، ط . دار الفكر ، بيروت ، 1993 ) ، الاتقان : 2 / 40 . . 

روى الحاكم عن أبيّ بن كعب ، ثمّ قال :

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه المستدرك : 2 / 415 ، 4 / 359 روى ابن الجوزي عن مجاهد . نواسخ القرآن : 34 . وروى السيوطي عن عكرمة . الدر المنثور ج 5 ص 180 . 

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده :

” حدثنا عبد الله ثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بـهدلة عن زر عن أبي بن كعب أنه قال : ” كم تقرؤون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثلاثا وسبعين آية . قال :  قط ! لقد رأيتها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم ! قال زرّ : قلت وما آية الرجم ؟ قال : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) “.

مسند احمد 5/123 حديث 21245 . والاتقان 2/25 . 

هذه الرواية صريحة في أن الأحزاب التي عرفها سيد القرّاء أبي بن كعب كانت ثلاثة أضعاف الموجود ، وأنه لم يعهد السورة بـهذا العدد القليل من الآيات فتعجب من سقوط أكثرها ، وكما ترى لو كان للضياع أصل يعوّل عليه لما خفي عن مثل سيد القراء أبي بن كعب ، وإلا فما معنى أن الرسول أمر الصحابة أن يستقرئوه القرآن بعد عبد الله بن مسعود ؟!

وبما أنّ سورة البقرة 286 آية ، فيكون الناقص من سورة الأحزاب حسب هذه الرواية أكثر من 200 آية !!

اما ابو موسى الاشعري فله كذلك رأي في السور الضائعة . فنقرأ في صحيح مسلم مايلي : عن أبي موسى الأشعري : إنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبهها في الطول والشدّة بالبراءة فأنسيتها ، غير أنّي قد حفظت منها : « لو كان لابن آدم واديان من المال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا تراب »

صحيح المسلم : 3 / 100 . 

روى الهيثمي عن أبي موسى الأشعري قال :

نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت ، فحفظت منها : « إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم » . . . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح  .

مجمع الزوائد : 5 / 302 .

اما حبر الأمة ابن عباس فقد ضاعت سورتين من مصحفه .  وقد نقل بطرق عديدة عن ثبوت سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبيّ بن كعب : « اللّهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللّهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إنّ عذابك بالكافرين ملحق » .

الإتقان : 1 / 122 و213 .

ناهيك عن ضياع ايات من سورة التوبة – براءة —  فنقرأ في المستدرك على الصحيحين مايلي : روى الحاكم عن حذيفة ، رضي اللّه عنه ، قال : ما تقرؤون ربعها ، يعني براءة ، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة ، وهي سورة العذاب .

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . المستدرك : 2 /  330

روى الحاكم بسندٍ صحّحه: عن حذيفة بن اليمان ـ العالم بأسماء المنافقين:

ـ أنّه قال عن سورة براءة: ما تقرأون ربعها، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة، وهو سورة العذاب (المستدرك على الصحيحين 2/ 33). 

وفي نقل آخر: التي تسمّونها سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركتْ أحدا إلا نالتْ منه، ولا تقرأون إلا ربعها . الدرّ المنثور 3/20. 

وفي الاتقان: قيل لبراءة: الفاضحة. الاتقان 1 / 56 والدرّ المنثور 3 / 208. 

وفي الاتقان قال: قال مالك: إنّ أوّلها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة.

الاتقان 1 / 67. 

وسورة براءة في القرآن (129) آية، فمقتضى الحديث أنّها (516) يعني تقرب من ضعفي سورة البقرة أكبر سور القرآن!. المصنف للصنعاني ج 7 ص 330 ، حديث رقم 13363 ).

التمهيد في شرح الموطأ ج 4 ص 275 ، شرح حديث 21 ).

قد ياتي مسلم ليبرر ان هذه الايات قد نسخت تلاوة دون حكمها . ونحن نقول ، هاتوا دليلا بانها نسخت تلاوة  وقت محمد بمعنى ان محمد و الصحابة توقفوا عن تلاوتها عندما تم النسخ .مع بقاء الحكم كما يتخبطون ويتصنعون علوما من العدم لمجرد الهرب من المأزق  . لان الروايات تؤكد أن هناك قرانا كثيرا ضاع بعد وفاة محمد نبي المسلمين ، لماذا ؟  : 

1-    رواية عائشة في آية الرضاع :

« فتوفّي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ، وهنّ مّما تقرأ من القرآن » . صحيح مسلم : 4 / 168 كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات ، الأمّ : 7 / 236 ، الموطّأ : 2 / 608 . 

2-    وايضا قولها  :

« كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم مأتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم يقدرمنها إلّا على ماهو الآن » . الدر المنثور : 5 / 180 ( ط . دار الفكر – بيروت – 1993 ) . 

فإن بين طياتـها اتـهاما لعثمان بتحريف المصاحف وحذف أكثر من مئتي آية من سورة الأحزاب وهذا الكلام موافق للروايات الصحيحة التي أخبرت  أن عثمان حذف ستة أضعاف القرآن . 

3-    ابن عمر قال :

« لا يقولنّ أحدكم قد اخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهبت منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر » . الاتقان : 2 / 40 ، الدر المنثور : 1 / 106 .

ظاهر اللفظ حجة وخلافه يحتاج إلى دليل ، فأين الدليل على أن ابن عمر قصد بقوله السابق منسوخ التلاوة ؟! ، لا دليل إلا الهرب من الفضيحة ! 

 قوله (وما يدريه ما كله؟!) هو استفهام استنكاري يفيد النفي والتعجب من قول من يقول إنه قد أخذ القرآن كاملا وهذا لا يمكن تفسيره بنسخ التلاوة ، لأن الله عز وجل في نسخ التلاوة يلغي الآية وينسخها فيحل محلها ويسد نقصها بآية أخرى مكانـها فلا ترفع آية أو تمحى إلا وتنـزل مثلها أو خير منها تقوم مقامها لذا لا تنقص الآيات وإنما تتبدل ، وهذا لم يقصده ابن عمر وإنما قصد النقص وذهاب كثير من القرآن وليس في نسخ التلاوة نقص للقرآن وإنما تبديل وإحلال .    

قال الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه : ” فالعجب كل العجب من كثرة هؤلاء العلماء وجلالتهم من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم القائلين بجواز النسخ لا إلى بدل ووقوعه مع أن الله يصرح بخلاف ذلك في قوله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }(البقرة/106).

مذكرة أتصول الفقه للشيخ محمد الشنقيطي ص 49 

راجع : فضائل القرآن ج 2 ص 146 . الإتقان للسيوطي 2/30 وروح المعاني 1/25 والدر المنثور 2/298. 

وروت حميدة بنت أبي يونس . قالت : قرأ عليّ أبي وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة : « إنّ اللّه وملائكته يصلّون على 

النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ، وعلى الذين يصلّون الصفوف الأوّل » . قالت : قبل أن يغيّر عثمان المصاحف .

الإتقان : 2 / 40 – 41 . 

وذكر السيوطي : أخرج ابن أشته في المصاحف عن الليث بن سعد . قال : أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد ، وإنّ عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده .

الإتقان : 1 / 101 . 

وروى ابن أبي داود وابن الأنباري عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب .

كنز العمال : 2 / 584 رقم  . 4778

كل هذه الروايات تؤكد مما لا يدعو للشك ان القران الذي بين ايدي المسلمين ، ليس بالشكل الأصيل الذي يعتقد به هؤلاء ، و كتبهم هي من يصرح بهذا . 

https://www.youtube.com/watch?v=rGEpUUZw6yM



كل هذا لا يمثل سوى جزءا بسيطا من رويات ابطالها الصحابة الذين يعترفون بضياع قرانهم الذي تكفل رب كعبتهم بحفظه. و الغريب ان تسمية المصحف لم تكن جاهزة الا بعد مشاورات بين الصحابة بعد وفاة نبيهم .. نقرأ هذا في: الإتقان في علوم القران للسيوطي : واما سبب تسمية بالمصحف فانه لما جمع ابو بكر القرآن قال سموه فقال بعضهم سموه إنجيلا فكرهوه وقال بعضهم سموه السفر فكرهوه فقال ابن مسعود رأيت بالحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه به.

راجع الإتقان للسيوطي الجزء الأول باب جمع القران 1/ 69.

“يتحاجون في تسمية الكتاب المقدس بينما هم يتغامزون و يتشاورون في تسمية كتاب ربهم” .

 

Sakr EL Majid

رئيس تحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى