بولس اسحق .. منسأة سليمان الخشبية ودابة الارض الشقية

منسأة سليمان الخشبية ودابة الارض الشقية
بولس اسحق
لنتأمل في الرواية القرآنية التالية عن موت سليمان:”فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” – سبأ 14.
وهذا تفسير الجلالين لها:
“فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ” عَلَى سُلَيْمَان أَيْ مَاتَ وَمَكَثَ قَائِمًا عَلَى عَصَاهُ حَوْلًا مَيِّتًا وَالْجِنّ تَعْمَل تِلْكَ الْأَعْمَال الشَّاقَّة عَلَى عَادَتهَا لَا تَشْعُر بِمَوْتِهِ حَتَّى أَكَلَتْ الْأَرَضَة عَصَاهُ فَخَرَّ مَيِّتًا “مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْته إلَّا دَابَّة الْأَرْض” مَصْدَر أَرَضَتْ الْخَشَبَة بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَكَلَتْهَا الْأَرَضَة “تَأْكُل مِنْسَأَته” بِالْهَمْزِ وَتَرْكه بِأَلِفٍ عَصَاهُ لِأَنَّهَا يُنْسَأ يُطْرَد وَيُزْجَر بِهَا “فَلَمَّا خَرَّ” مَيِّتًا “تَبَيَّنَتْ الْجِنّ” انْكَشَفَ لَهُمْ “أَنْ” مُخَفَّفَة : أَيْ أَنَّهُمْ “لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْب” وَمِنْهُ مَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ مَوْت سُلَيْمَان “مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب الْمُهِين” الْعَمَل الشَّاقّ لَهُمْ لِظَنِّهِمْ حَيَاته خِلَاف ظَنّهمْ عِلْم الْغَيْب وَعِلْم كَوْنه سُنَّة بِحِسَابِ مَا أَكَلَتْهُ الْأَرَضَة مِنْ الْعَصَا بَعْد مَوْته يَوْمًا وَلَيْلَة مَثَلًا… انتهى!!
طبعاً الرواية الإسلامية فيها الكثير من الخرافة والأفكار التي لا تصلح حتى للأطفال دون العاشرة ليصدقوها… والحقيقة ولست متاكداً بأن مؤسسة “ديزني لاند” من الممكن أن تقبل بها لتسلية حتى الأطفال… فهي أبعد من المنطق الذي اعتادوا عليه في روايتهم في افلام الكرتون!!!
ومن النقاط الدالة على خرافة قصة سليمان واسطوريتها:
1– لا شك بأن جثة ميتة لا تستطيع أن تستند إلى عكاز واحد فقط!!
2 –لا يمكن أن تبقى الجثة بشكل جثة بعد مرور سنة كاملة… إنها تصبح مجرد عظام بعد التحلل والعوامل الرمية… وتلك العظام تتحول لرميم يتساقط على الأرض وخاصة انها بوضع قائم كما ذكر الجلالين!!
3–أين رائحتها، ألم يشمـّها أحد ليعرف بأن سليمان الملك قد مات؟
4–مرت سنة ولا أحد يعرف بموت الملك سليمان…ألم تفتقده حاشيته والرعيه… ونسائه الـ 999؟ ألم يفكروا بحاجته للطعام والشراب والنكاح و .. و .. الخ؟
5–وماذا عن الهدهد المخبر السري للملك سليمان وناقل الأخبار المستحيلة حتى من اليمن والحبشة إلى أورشليم، كيف عجز عن معرفة أخبار سيده؟
وطبعاً أسئلة كثيرة جداً يمكن أن تخطر بالبال العاقل مما يجعلنا نستغرب ونتعجب من تصديق المُسلمين لتلك الرواية المسلية ويصرون على انها قصة مسلم بها… بالرغم من عدم ورودها في كتاب اصحاب الشأن… بالرغم من ان المفروض ان يتفاخروا بها لو كانت تمت إلى الحقيقة بادنى مستوياتها… الا انه والحق يقال فانها وردت في كتب اساطير اليهود ليس الا… لكن ما علينا ولا نريد ان ندخل بالتفاصيل… لاننا وكعادة السادة المؤمنين سيدخلوننا تحت بند ان كل شيء ممكن من قبل رب العالمين وإلى اخر الجنجلوتية…
فكل الذي أريد ان ابينه في هذه الاسطورة… هو قضية عكاز سليمان الذي أكلته دابة الأرض (حشرة العث على ما يبدو) مما أدى إلى سقوط الجثة على الأرض بعد مرور عام كامل على موت سليمان…
وعلى ما يبدو أن كاتب القرآن ظن بأن سليمان كان يملك عكازاً خشبياً مثل عصا محمد التي كان يهش وينش بها دواجنه ويستند عليها عند قضاء حاجته…
ونسي حضرة الكاتب بأن سليمان لم يكن حتى بحاجة إلى عكاز… فخدمه ونساؤه الألف وأولاده وحاشيته لم يتركوا له الحاجة إلى العكاز… وإن احتاج فعلاً … فقد كان يحمل عادة صولجاناً مصنوعاً من الذهب اسوة بالملوك والقياصرة… لكونه من أغنى ملوك الأرض آنذاك… فهل غفل كاتب القرآن عن تلك الحقيقة التي وردت في اسطر كتابه… واعتبر ان عكاز سليمان مجرد عصا خشبية بسيطة درويشة فقيرة كتلك التي كانت لمحمد في رعايته لدواجنه؟
وكعادة المؤمن في التدليس قد يقول لنا … ان الانبياء مترفعون عن كل نقيصه وكل مظاهر الكبر والترف والخيلاء والبذخ… فعصى موسى كانت خشبيه وعصا ابراهيم رغم انه كان غنى وسيد قومه كانت خشبيه وليس من شانهم الذهب او الفضه… وعصى داود وسليمان يجب ان تكون خشبية ايضا… وهم يترفعون عن كل مظاهر التبذير والبذخ!!!
وهنا لا يسعنا الا ان نقول له… أنت تحلم يا صاحبي… فنحن هنا لا نتكلم عن إبراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا حتى نبيـّك… نحن هنا نتكلم عن ملك تاريخي بارز شـُهـِد عنه من عدة مصادر بأنه كان غنياً جداً… وكانت لديه كل وسائل الرفاهية والراحة ومظاهر الترف والغنى الفريدة… واليك الدليل من قرآنك ذاته:
” قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (النمل 44).
فهل بامكانك ان تتخيل نوعية القصر الذي بناه سليمان خصيصاً لاستقبال وإيواء ملكة سبأ… والذي قال عنه القران والاساطير اليهودية التلمودية الغير معترف بها من قبل اصحاب الشأن… بأنه “صرح ممرّد من قوارير”… يعني قصر مزخرف ومزيّن ومزوّد بكل ما أراد سليمان أن يبهرها به… إلا أنه اي القران تكلم أيضاً عن القوارير… وهذه إشارة إلى المادة الزجاجية التي كانت آنذاك تتوفر بشكل خاص عند الأغنياء أو المرتاحين مادياً… وليس كوقتنا الحاضر الآن والذي أصبحت فيه تلك المادة في كل بيت… وبما أن ملكة سبأ ظنت بأن تلك الأرضية الزجاجية “لجة”… يعني شفافة جداً بسبب نقاوتها… وهذا يعكس مدى مهارة الصناع وكلفة الصنع الباهظة التي تناظر في وقتنا ما يمكن أن نعتبره أرضية من الكريستال أو البلور الصافي… وتأتي بعد ذلك لتقول لي بأن الأنبياء في الماضي “يترفعون عن كل مظاهر التبذير والبذخ”؟!
من ناحية أخرى… كونك مؤمنا بما جاء بكتاب الهلاوس والاساطير لذلك فانك تظن بأن مفاهيم محمد صلعومة ابن أمنه يجب ان تكون هي المقياس لكل الأنبياء…
وهنا فأنت مخطئ يا عزيزي… يعني أنت مخطئ إن ظننت بأن الأنبياء رفضوا القلائد والزينة والذهب ومظاهر الغنى… فالأنبياء كانت لديهم نظرة تختلف عما اختلقه محمد وفرضه على أتباعه هثناء هلوسات الصرع…. وان كنت تريد الدليل بأنه هو المخالف… وبأن نظرته لم تكن نظرتهم ومفاهيمهم… حسناً… اليك الدليل من قرآنك ذاته… فنحن نعلم بأن محمد منع الصور والتماثيل… فإذا اعتبرنا ما عمله محمد هو الدليل على أن الأنبياء ساروا على المفهوم ذاته… وهذا يعني بأنهم لم يصنعوا الصور والتماثيل… أليس كذلك… لكن لسوء حظك يا صاحبي… فاننا نجد ان سليمان ذاته زخرف قصوره وممتلكاته وما كان في حوزته بالصور والتماثيل… وهذا هو الدليل:
“يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ” (سبأ 13).
وعليه فإن كانت عصا أو عكاز محمد خشبية… فهذا ليس دليلاً على أن عكاز سليمان يجب ان تكون خشبية أيضاً… والسبب في ذلك… لان سليمان لم تكن لديه نفس مفاهيم محمد ونظرته للأمور… لا بل وبناء على الآيات المقتبـَسة أعلاه – يبدو ان سليمان كان يحب البذخ والزخرفة والزينة وإظهار علائم الغنى… ولذلك من المنطقي جدا أن يكون لديه عكازاً أو صولجاناً ذهبياً أو عاجياً أو حتى نحاسياً على الأقل… يعادل بزخرفته وقيمته بقية ما يحمله الملوك والقياصرة في عصره… إن لم نقل انه كان يتفوق عليهم بحسب القران نفسه الذي ادعى… ان سليمان ملك الدنيا اي انه كان ملك الملوك… وارجوا ان يكون أعتراضنا هذا واضحا لكل المؤمنين الذين آمنوا ان الارضة اكلت عصى سليمان الخشبية!!!
لماذا أخفى الله موت النبي سليمان عن الجن وماذا فعلوا بعد علمهم بموته؟
قصة سيدنا سليمان مع النمل والهدهد ومافعله الجن معه
قصة سليمان مع الحيوانات l د. محمد العريفي