قضية تحريف التوراة والإنجيل

قضية تحريف التوراة و الإنجيل
هاني مراد
علينا قبل أن نخوض فى القضية أن نعرف أن الذين يطعنون فى صحة التوراة و الإنجيل هم المسلمون،
و لماذا يطعنون فى صحة الكتاب المقدس ؟
1- لأن القرآن يعترف بأن التوراة و الإنجيل كتب مُنزّلة من عند الله .
2- التوراة و الإنجيل يحملان رسالة متناقضة و مضادة لما جاء به دين القرآن ..
فلابد أن أحدهما صحيح من عند الله و الأخر باطل من عند الشيطان فكان لزاماً على القرآن الطعن فيهما حتى يبرر موقفه .
3- خلو كل من التوراة و الإنجيل من أى إشارة لمزاعم رسول الإسلام بأنهما قد تنبأ عنه .. فكان لابد من إتهامهما بالتبديل و التغيير حتى يبرر عدم وجود كلام و ذكر له فيهما .
4- لأنه إن كان الكتاب المقدس صحيح فإن القرآن يكون كتاب مزيف و الإسلام دين باطل لأنه جاء بعكس ما جاء به كل الرسل و الأنبياء الذين جاءوا قبله .
5- لأن الطعن فى التوراة و الإنجيل يسهل على نبى الإسلام تمرير أية قصة أو رواية أو حادثة مختلقة و مختلفة عما جاءت فى الكتب التى قبله دون أن تكون هناك حقيقية لمرجعة الوقائع و التحقق من صدق روايته .
أى بإختصار الهروب من أى محاولة لوضع الرسالة الجديدة التى جاء بها نبى الإسلام موقع البحث الأمين و الفحص المدقق كى ما نقف على حقيقة كونها مكملة أو متوافقة مع رسالة الرسل من قبله .
6- إستباحة تكفير كل ما هو غير مسلم و تسهيل عملية إدعاء نسخ ما جاء من قبله من ديانات و أنبياء و أهمها طبعاً الطعن فى طبيعة المسيح الإلهية و إبعاد نظر البشر عن طريق الخلاص الذى هو فى المسيح و فى عمله الكفارى على الصليب .
** نقاط تقف ضد منطق الرواية الإسلامية:
- 1)لا يوجد منطق وراء الطعن فى كل الكتب السماوية المنزلة و إتهامهـا بالتبديل و التحريـف و تصديق الرواية الإسلامية سوى الإيمان بمحمد ( مصداقية محمد ؟!) .
- 2)و حتى إذا أفترضنا وجود مثل هذه المصداقية للرجل ..فهل تجعلنا نتغاضى عن كل الكتب المنزلة منذ أن بدأ الله فى التواصل مع البشر من خلال رسله و أنبياؤه حتى يصل بنا الأمر أن نصدق شهادة رجل واحد مهما كان و نرفض كل الكتب التى بين أيدينا اليوم ؟!
- 3)الطعن فى صحة التوراة و الإنجيل اللذان بين أيدينا اليوم هو طعن فى قدرة الله جل جلاله على حفظ كتبه التى أنزلها من عبث المفسدين و حاشا أن نقبل هذا الإتهام الخطير .
- 4)التاريخ يقف ضد هذه الفرية :
فنظرة سريعة على التاريخ تكشف أنه من المستحيل أن يجتمع كتاب العهد الجديد و يتفقوا على أن يبدلوا و يغيروا و يحرفوا .
أولاً لأنهم لم يستفيدوا من وراء تبشيرهم بالإنجيل .. فرسالتهم لم تهبهم فتوحات و عروش و سبايا حروب و غنائم و ….إلخ
و إنما ذاقوا بسبب شهادتهم للمسيح وإصرارهم على الحق كل أنواع الإضطهاد و فى النهاية الإستشهاد .
فهم من كتبوا لم يكونوا مخدوعين مضللين أو كانوا مخادعين مضللين …
و بما أن الإنجيل انتشر منذ القرن الأول فى ربوع العالم المختلفة و تم ترجمته إلى لغات عديدة فمن المستحيل جمعه بعد ذلك و الإتفاق على تغيير محتوياته
لذلك فالقول بتغيير و تبديل الإنجيل هو عار تماماً من الصحة .
- 5)فليتفضل الذين ينادون بهذه الأكذوبة أن يقدموا لنا الدليل على تحريفه و يقدمون لنا النسخة الأصلية و يشرحوا لنا كيف تم خداع الله و هزيمته و تبديل كتبه ؟!
- 6)لماذا نقبل بهذا الإدعاء ؟! ألنقبل نبوة محمد و دينه ؟!
ألنقبل كتاباً يحتوى على 62% من مضمونه ناسخاً و منسوخاً
و ليس به أى فضيلة جديدة لم تأتى من قبل فى التوراة و الإنجيل سواء من النهى عن المنكر و الأمر بالمعروف و الدعــوة للتوحـيد و نبذ عبـادة الأوثان و غيرها من الفضائــل و كل ما جاء به بعد ذلك هو من الرذائل .
كالتحريض على القتال و تكفير كل ممن هو غير مسلم و إضلال الناس بعيداً عن طريق الخلاص و إيهامهم بأن إتباع هذا الدين الجديد إنما هو من عند الله .
ناهيك عن كل البدع والتشريعات الفاسدة و التى خلقت الكثير من المشاكل و التوترات بدءاً من الإنسان و نفسه مروراً بين المسلمين أنفسهم و قضايا الإرهاب و الحض على كراهية الأخرين و إستباحة أموالهم و دمهم و أنفسهم .
- 7)المخططوطات التى يرجع تاريخها للقرن الثانى و الثالث الميلادى أيام إضطهاد المسيحيين العنيف من قِبل الإمبراطورية الرومانية و من قِبل اليهود تشهد للإنجيل الحالى الذى بين أيدينا اليوم أنه هو هو و لم يتم فيه تحريف .
- 8)القرآن يقول :
إنا أنزلنا الذكر و إنا له لحافظون
إنا أنزلنا الزابور من بعد الذكر
لماذا يسألونك و عندهم التوراة فيها حكم الله
- 9)ليفهم القارىء المُسلم العزيز أن القول بتحريف التوراة و الإنجيل ينطوى على مغالطة كبيرة على جميع المستويات
إحدى المغالطات الشائعة أن الترجمات المتنوعة للكتاب المقدس هى دليل قوى على الإختلاف بينهما و أنه لا يرجع لنفس الأصل .
و طبعاً من المعلوم أن الوحى فى المفهوم المسيحى ليس إملائى .. بمعنى أن الله كان يوحى لمن كلفهم بكتابة كتبه و رسالته كل بأسلوبه ..
أى أن الله لم يحجب شخصية و أسلوب من إستخدمهم فى نقل الوحى .
فمضمون و جوهر الرسالة واحد بلا تناقض .. بلا ناسخ و منسوخ .. بلا مصالح شخصية ..
فالكتاب المقدس لم يحاول أن يتستر على أخطاء الأنبياء و سقطات شعب إسرائيل و حتى تلاميذ المسيح .. لأنه الكتاب الحقيقى ا؟لآتى من عند الله .
و هكذا نجد وحدة موضوع الكتاب المقدس منذ بداية سفر التكوين و حتى نهاية سفر الرؤيا يتناول موضوع واحد .. حب الله للإنسان و إسترداد الله للبشرية بواسطة المسيح بعد سقوطها.
رسالة الله للإنسان .. قصة الله مع الإنسان .. سقوط الإنسان .. فداء الإنسان بواسطة صلب المسيح .. إسترداد الإنسان لمكانته المفقودة .. عودة المجد للبشرية بقبولها لشخص المسيح الذى هو مركز الكون .. مهندس الوجود .. خالق الكل .. فادى البشرية .. الذى له الدينونة .. الذى له و منه و به كل شىء قد خلق .
فلا معنى للحياة بدون المسيح و لا غاية للإنسان بدون المسيح .. و لا حياة أو سعادة بعيداً عن المسيح .
فالمسيح يبقى منذ الأزل و إلى الأبد مصدر الحياة لكل إنسان .
قال يوحنا المعمدان عن المسيح : جاء بعدى و صار قدامى لأنه كان قبلى فهو مولود من العذراء مريم بعد ولادة يوحنا المعمدان فهو أصغر سناً و لكن من حيث المكانة متقدماً على يوحنا بشهادة الأخير .
و لكن المدهش أن يقول يوحنا عنه أنه كان قبله و فى هذا إعتراف بأزلية المسيح و أنه هو الإله .. رب يوحنا و رب الكل .. ربى و مسيحى.