سلسلة كيف أبدأ مع المسيح (2) لماذا خلقنا الله ؟

سلسلة كيف أبدأ مع المسيح (2) لماذا خلقنا الله ؟
القمص زكريا بطرس
“ ٣١ فَرِحَةً فِي مَسْكُونَةِ أَرْضِهِ، وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ.” (سفرالأمثال 8: 31).
عرفنا قبلاً أنواع المسيحيين، وهم: الإسميون ، والمظهريون ، والمؤمنون الحقيقيون … والخطوة الأولى فى طريق التمتع بالإيمان الحقيقى أن نتعرف على هـدف الله من خلقتنا .. أى لماذا خلقنا الله ؟
ففى الواقع أن الله لم يخلقنا لنعبده، أو ليتمتع هو بأن يرانا نتعذب فى هذه الحياة الدنيا ثم يلقى بنا فى جهنم الأبدية … فالله جل اسمه أسمى وأرفع من أن يكون هذا هو هدفه من خلقتنا …
وسنركز الحديث فى هذا الموضوع حول:
هــدفٌ جليلٌ.
شــعور نبيل.
أقــوى دليل.
أولاً : هدفٌ جليلٌ
يقول معلمنا بولس الرسول: “ ٥ إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ،“ (رسالة أفسس 1: 5).
لاحظ كلمة [ سـَبَـقْ ] فهى تؤكد وجود خطة مسبقة فى فكر الله من الأزل، هدفها أن يتبنانا أى أن نكون له أبناء …
فالله ليس بقاضٍ يحكم بالإعدام على البشر، ولا وكيل نيابة يحاول أن يترصدنا ليوقعنا فى شر أعمالنا ، بل أن المسيحية هى الديانة الوحيدة التى تعلمنا أن ” الله محبة ” …
وبناء على هذا الهدف العظيم ترتبت عدة نتائج جوهرية ، منها:
- أن نكون أعضاء فى عائلته:
“ ١٩ فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، “ (رسالة أفسس 2: 19)، فالله يهدف من خلقتنا أن نكون له عائلة مقدسة من أبنـاء وبنات الله ، لذا قال: “ ١٨ وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ“ (رسالة كورنثوس الثانية 6: 18) ..
- أن يعطينا المجد والخيرات والبركات: ” .. وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ، .. “ (رسالة العبرانيين 2: 10) .. إذاً لقد خلقنا الله لهدف جليل ، وهو أن نكون له أبناء ، وعلمنا أن نصلى قائلين: أبانا الذى فى السموات … فهو إله الحب ، طبيعته المحبة ، وأهدافه مملوءة بالمحبة الخالصة ..
أخى الحبيب ، هل لمع أمام عينيك هذا الهدف السامى من خلقة الله لكَ، أم لا زلت عبداً لتصورات خاطئة عن الله غرسها الشيطان فى أذهاننا ليضع العوائق بيننا وبين الله ؟
ثانياً : شعورٌ نبيلٌ
إن هدف الله الجليل من خلقتنا، كان سببها وجود مشاعر حب فياضة تجاه الإنسان فى قلب الله ، لذا قال: “ ٣١ فَرِحَةً فِي مَسْكُونَةِ أَرْضِهِ، وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ.“(سفر الأمثال 8: 31 )، أى نعيمى مع بنى البشر، فالله يريدنا أن نرتبط به، لا بالإكراه، أو بالترهيب والإجبار، بل بالحب .. إنها المحبة الفائقة المعرفة التى فى قلب الله تجاه أولاده كأب حنون يجد سعادته الحقيقية فى فرحة وسعادة أولاده ..
لذا قال القديس يوحنا الحبيب الذى ذاق هذه المحبة الفياضة التى فى قلب الله تجاه أولاده فقال: “ ١ اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! … “ (رسالة يوحنا الأولى 3: 1) ..
لذا فنحن نحتاج الآن أن تتغير رؤيتنا عن الله التى ترسبت داخلنا بسبب بعض المبادئ المغلوطة التى تعلمناها فى الصغر عن الله بأنه الجبار المتجبر الذى يريد أن يلقى بنا فى النار ، إلى أنه الأب الحنون الذى يجد سعادته القلبية فى راحة وسعادة أولاده …
أخى الحبيب ، هل أدركت معى ما قاله القديس أغريغوريوس فى قداسه الإلهى:
[ من أجل لجة محبتك للبشر … خلقتنى إنساناً كمحب للبشر ، ولم تكن أنت محتاجاً لعبوديتى ، بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك .. ] .
ثالثاً : أقوى دليل
تُرى ، ما هو الدليل الذى يثبت لنا أن الله يحبنا كل هذه المحبة العظيمة، وأن لديه كل هذه المشاعر النبيلة من نحو الإنسان ؟
إن أقوى دليل على ذلك هو أن الله خلقنا على صورته كشبهه كما قال الكتاب: “ ٢٦ وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». ٢٧ فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. “ (سفر التكوين 1: 26 ، 27) ، لاحظ تكرار كلمة صورة الله 3 مرات فى الآيتين …
وبالطبع ليست صورة الله فى وجهه، من أنف وعينين وفم وخلافه ، فاَللهُ رُوحٌ. (انجيل يوحنا 4: 24)… لكن على صورة الله فى البر وقداسة الحق .. فالله البار ، والقدوس ، والحق .. خلق الإنسان على نفس الصورة: ” بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.”… (رسالة أفسس 4: 24) .
كما أن الله قد ميَّز الإنسان عن باقى المخلوقات بأن خلق له عقــلاً وأعطاه موهـــبة النطق، وخلق له روحاً خالـدة لا يمكن أن تموت ولا تنتهى أبداً …
قال قداسة البابا شنوده الثالث فى كتابه الرائع [إنطلاق الروح]:
[إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذى خُلِقَ على صورة الله وشبهه ، فإن طُلِبَ إليك أن تعّرف ذاتك ، فقل فى قوة وثقة ” أنا صـورة الله ” … وأنت كصورة الله قد كُتِبَ لك الخلود .. أنت الشخص الذى وجد الله لذة فى أن يدعوه إبنه .. ] .
أخى، هل تأكد لنا الآن من خلال هذا الدليل القوى مدى لجة محبة الله لنا ، عندما ميّزنا بأسمى ما فى الوجود بأن خلقنا على صورته ومثاله فى البر وقداسة الحق .. إذا اردت أن تكون مؤمناً حقيقياً ، فلا بد أن تتأكد جيداً من محبة الله فائقة المعرفة تجاهك ، فتبادله حباً بحبٍ …
طلبتى إلى الله أن يمتعنا بالثقة اليقينية فى محبته وتقديره لقيمتنا .. له المجد فى كنيسته إلى الأبد .. آمين .
ترنيمة
مــن الأزل أحـــببنا صــورنا فى أسمى مثال
على صورة أبنه خــلقنا فى البـــر والكــمال
عيــننا نبـــقى ولاده أفراد عائلة الإلـــــه
ويكــون هو أبـــونا ونعـيش فى متــعة معاه
لماذا خلقنا الله ؟
1) ما هو هدف الله من خلقة الإنسان بحسب ما جاء فى النقطة الأولى [ هدف جليل ] ؟
الإجابة:
1) —————————————–
2) —————————————–
2) ما معنى ما جاء بالآية: ” لذاتى مع بنى آدم ” (أمثال 8: 31) ؟
الإجابة: —————————————————————————————————————————————————————–
3) ما أوجه الشبه بين صورة الله ، والصورة الروحية للإنسان التى خلقه الله عليها ؟
الإجابة: —————————————————————————————————————————————————————–
4) ما أثر هذا الموضوع عليك … ؟
الإجابة: —————————————————————————————————————————————————————–
ملخص موضوع
لماذا خلقنا الله ؟
أولاً: هدف جليل:
أن نكون أولاد له ، وأعضاء فى عائلته ، ويعطينا المجد والخيرات والبركات (رسالة أفسس 2: 19).
ثانياً: شعور نبيل:
1) مشاعر الفرح والسعادة واللذة التى فى قلب الله تجاه الإنسان
(سفر الأمثال 8: 31) .
2) مشاعر الحب الفياضة (رسالة يوحنا الأولى3: 1) .
ثالثاً: أقوى دليل:
لقد خلقنا الله على صورته البهية فى البر وقداسة الحق ، وأعطانا عقلاً ناطقاً وروحاً خالدة (رسالة أفسس 4: 24) .
الصلاة
كما علمنا
الرب يسوع المسيح
” مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا:
أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،
لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ،
لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ،
لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.
خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ،
وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا،
وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ
بالمسيح يسوع ربنا
لأن لك الملك والقوة والمجد الى الأبد.
آمين.