البرلمان القبطيحقيقة الإسلام

فاطمة ناعوت.. جلباب سعاد وأُذُن أيمن

فاطمة ناعوت.. جلباب سعاد وأُذُن أيمن

فاطمة ناعوت

هل تذكرون أيمن أنور متري ؟

فاطمة ناعوت.. جلباب سعاد وأُذُن أيمن أنور ديمتري علّكم نسيتموه، فهو واحد من بين كثيرين وافقوا أن يطبقوا المثل المصري العبقري: “تشتمني في زفّة وتصالحني في عطفة؟!” لكن قائل المثل الأول، أو في الغالب قائلته الجدّة الحكيمة، كانت تُلوّن صوتها بمسحة استنكار وهي تطلق المثل، كأنها ترفض أن تُسبُّ وتُهانُ على الملأ، ثم تُصالَح في السر.

و”الصلح خير” دون شك. وقد أوصانا به الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال: “…أصلحوا ذات بينكم”، لكنه سبقها بقوله: “واتقوا الله…” هذا منهج حسنٌ حال الصلح بين الزوجين والشقيقين والصديقين، لأن الأساس هو المودة والرحمة، وأي خلاف لابد أن يكون عابرًا حين يكون الأساس هو “تقوى الله”.

لكن الأمر مختلف حين تغيب “تقوى الله” كما يحدث في الجلسات العرفية التي تتم في جنوب مصر بين غُلاة المتطرفين، وبين بعض المستضعفين من أبناء مصر المسيحيين حين لا يجدون سندًا لهم يحميهم من الوحشية القبلية بالصعيد إذا ما تزعمها متطرفون غُلاة لا يتقون الله، فيُجرمون ويظلمون ويتجبرون. الشاهدُ أن أولئك المتطرفين قد أمنوا عقاب القانون لأنهم يعرفون أن مآل الحال سينتهي بجلسة عُرفية شكلية، فلا يجعلهم هذا “يتقون الله”، بل يتمادون في غيّهم حتى وصل بهم التجبّر وانعدام النخوة إلى تجريد سيدة مُسنّة من ملابسها وسحلها في طرقات قرية الكرم بالمنيا. لو أنهم يعرفون أن هناك قانونًا يحفظ كرامة الفقير والغني على السواء، المرأة والرجل على السواء، المسلم والمسيحي على السواء، ما تجاسروا وفعلوا ما فعلوا.

قبل سنوات وتحديداً فى 22 ديسمبر 2011 ، تجمهر حوالي 150 من المُتطرفين الإسلامين بمحافظة قنا في جنوب مصر، حيث حاصروا العمارة رقم 20 بمساكن عثمان بقنا، التى يقطنها مواطن مسيحي بسيط اسمه “أيمن أنور ديمتري” ويعمل مدرس وقطعوا أُذنَه. وشاهدنا جميعًا صور الضحية بأُذنه المبتورة والدم يسيل منها، وتم حرق سيارته ومسكنه الذي يعيش فيه وأسرته، وتم تحرير محضر بالواقعة حمل رقم 993 لسنة 2011 قسم شرطة قنا، وبعد أيام قليلة، جهزوا الجلسة العرفية ولم يُطبّق القانون.

وقتها صرختُ في مقالاتي أنادي بحقي الشخصي في أّذن أيمن، فأنا كمواطنة مصرية، وكل مواطن مصريّ آخر، له حقُّ في سلامة كل مواطن آخر. فإن تنازل هذا المواطن عن حقّه، فليس من حقه أن يتنازل عن حقي وحقك. ذاك الأيمن الديمتري، بتنازله عن تطبيق القانون، كأنما قد أعطى شرعية لكل متطرف في أن يبتر أُذن أي مواطن أو أنفه أو رقبته، مطمئنًا إلى غياب العقاب في ظل الجلسات العرفية.

فاطمة ناعوت.. جلباب سعاد وأُذُن أيمن أنور ديمتري
الجلسة العرفية التى تم فيها الصلح بين أيمن أنور ديمتري والأرهابيين

كتبتُ وقتها عدة مقالات من بينها مقال في اليوم السابع بتاريخ 26 أبريل 2011، عنوانه “شكرًا ونكتفي بهذا القدر” قالتُ فيه:
(“يا أيها الذين آمنوا كونوا قَوَّامين للّه شُهداءَ بالقسط ولاَ يَجْرمَنَّكم شنآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى. واتقوا الله إنّ اللهَ خبيرٌ بما تعملون.” سورة المائدة. ولستُ أدرى ما موقع تلك الآية الجميلة من قلوب المتطرفين أعداء الحياة! ألم تمرّ عليهم فيترفقوا بأقباط مصر؟ هذا طبعًا بفرض أن بين المسلمين والمسيحيين “شنآنَ”، وهو البغضاء، والعياذ بالله. 

غاضبون مني لأنني أكتبُ حول حقوق أبناء بلدي من منطلق المواطنة، والعدالة، والسعي نحو الجمال؛ إيمانًًا مني بأن أولى خطوات الجمال هي العدل، وبأن اللهَ سيسألنا عمّا إذا شاهدنا ظلمًا ولم نسع لرفعه. تدفعني للكتابة في الملف القبطي أمورٌ ثلاثة:
1- ما أراه من ترويع للأقباط، وصل حدَّ هدم الكنائس وقتل المصلين، وقطع الآذان، ورفض تولّي محافظ مسيحي!
2- صمتُ المسيحيين الأبديّ، تحقيقًا لآية الإنجيل: “يُدافَع عنكم وأنتم تصمتون”.
3- قلّة كتابات المسلمين المستنيرين، على كثرتهم، عن حقوق الأقباط المهدَرة منذ عقود. إما يأسًا، أو خوفًا على أسمائهم من التصنيف في خانة قد تُفقدهم قطاعًا من قرّائهم، ممَن يرون، خطأً، أن مَن يدافع عن حقوق “الآخر المسيحي” هو بالضرورة ضد المسلمين. متناسين أن ضمانة حقوق “الجميع”، هي الضمانةُ الوحيدة لحقوقهم هم، لأنهم جزءٌ من هذا “الجميع”.

إنما زجر المتطرفين عن تطرفهم هو قمة احترام الإسلام لو يعلمون. وأكرر للمرة الأخيرة أنني لا أناقش العقائد، فهي شأنٌ خالصٌ لله وحده، تعالى وجلَّ عن مشاركة العباد في شأنه. إنما أناهضُ العنفَ، الفكريّ والجسديّ واللفظيّ والمعنويّ، الذي يمارسه المتطرفون ضدّ أبناء وطني، فيسلبونهم حقَّهم في العيش بأمان في بلادهم! وأكررُ أيضًا أنني لا أناهضُ المتطرفين المسلمين وحسب، بل أي تطرف كان.

لذلك هاجمتُ مسيحيًّا ألّف كتابًا عنوانه: “الإعجاز العلميّ في الكتاب المقدس”، مُحاكيًا ما يصنعه زغول النجار على صفحات الأهرام فاتحًا باب الفتنة، والخطأ المنهجي في خلط الثابت بالمتحول، حيث الدينُ ثابتٌ، بينما العِلمُ متبدّل يومًا بعد يوم! ثم يخرج شيخٌ يصرخُ: “لا ولاية لكافر”!

غافلاً أنه كافرٌ أيضًا في نظر مَنْ يراه كافرًا. فالإيمان والكفر نسبيّان، وشأنٌ يخص الله وحده. لكن المطلق هو حقوقُ المواطنة لكل مصريٍّ، طالما لم يخُن وطنه.

فاطمة ناعوت.. جلباب سعاد وأُذُن أيمن أنور ديمتري ويقسمُ شيخٌ آخر بأنه سيخرج بكل شباب مصر ليهاجموا الأديرة باحثين عن فتاة يظنون إسلامها! وآخرُ يودُّ فرضَ الجزية على المسيحيين! وغيرُه ينتظر “امتلاك الأرض” ليطبّق “الحدود”! ولم نر هذا الشيخ أو ذاك يحثُّ شبابَ مصر على العمل والمعرفة والأمانة والمحبة والجدية والنهوض بمصر! تقلّصَ إسلامُه وتقزّمتْ رسالتُه في مطاردة الأديرة وتغليظ القسم بترويع الآمنين! ثم يهتف المسيحيون في قنا مع المسلمين ضد المحافظ القبطي: “عاوزينه مسلم-إسلامية رغم أنف الداخلية”!!! صانعين نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية! إن كانت تلك هي الوحدة الوطنية!! …. ) إلى آخر المقال.


أكرّر الآن أن ما حدث للسيدة “سعاد” التي جُرّدت من ملابسها وسُحلت، قد خرج عن دائرة “الاحتقان الطائفي” ليدخل في خانة “انعدام الإنسانية”، وهنا لابد للقانون أن يُطبق بحسم ضد المجرمين، وإلا ستعطي الست سعاد الضوءَ الأخضر لتكرار تلك الجريمة مع سيدات مستضعفات أخريات يُجردن من جلاليبهن، مثلما أعطى السيد أيمن ديمتري، الضوء الأخضر للمتطرفين بقطع آذان وأنوف مواطنين مصريين مستضعفين، لا يرون أن القانون يمكن أن يحميهم. علينا أن نبحث عن “تقوى الله”، قبل أن نشرع في “إصلاح ذات البين”.
 

للمزيد:

حادثة سيدة الكرم المسيحية جردت شيخ الأزهر من ثيابه

مصر .. محكمة النقض تتجرد من انسانيتها وتحكم ببرائة المتهمين بتعرية الأم / سعاد ثابت عبد الله (75 سنة) الشهيرة “سيدة الكرم”

افعال لا تليق بنبي : 1 – مقتل ام قرفة

أخلاق محمد جـ 3 : قتل الأسرى والنساء والأطفال، إحراق المزروعات

داعش والاسلام …عملة واحدة ذات وجهان

أتكسفوا !!!!

عنصرية النصوص القرآنية .. ونهجه في أستعباد العباد

Sakr EL Majid

رئيس تحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى