فاطمة ناعوت.. فتّشوا عن الصندوق الأسود داخلكم

فاطمة ناعوت.. فتّشوا عن الصندوق الأسود داخلكم
فاطمة ناعوت
خلال خمسة عشر عامًا، منذ بدأتُ مشوارَ الكتابة الصحفية، وأنا أتحاشى قدر إمكاني كلمتين: “مسلم- مسيحي”، وأستبدلتُ بهما كلمتيْ: “إنسان- مصري”، إيمانًا منّي بأن العقيدةَ شأنٌ خاصٌّ بين المرء وربّه. أما المواطَنة، فشأنٌ عامٌّ يخُصّنا جميعًا. إن اهتزّت مواطَنةُ مواطنٍ في أقصى جنوب مصر أو أعلى شَمالها أو أيمن يمينها أو أيسر يسارها، فقد اهتزّت مواطَنتي، وإن أُهينت إنسانيةُ إنسانٍ في أقصى بقعة من بقاع العالم، فقد انكسرت إنسانيتي، بالتبعية. الأمرُ، كما ترون، محضُ شخصيّ. برجماتيّ. فإن أنا غضبتُ لإهانة امرأة في أفغانستان، فإنما أغضبُ لكرامتي الشخصية، دون أن أعرف تلك المرأة المُستضعفة. وإن انبريتُ للانتصار لمواطن قبطي مسيحي مُهدَر حقُّه، فإنما أدافعُ عن حقيّ الشخصي، دونما أعرف هذا الشخص المُستلَب حقُّه. وإن أنا أشفقت على ذبيحة تُعذّب قبل نحرها، أتصوّر نفسي محلّها، فأغضب لنفسي حين أغضبُ لها. الأمرُ جَدُّ بسيط. الأمرُ جَدُّ منطقيّ. الأمر جدُّ برجماتي.
عيني مُصوّبةٌ على “الإنسان” وقيمته، دون الاهتمام بمعرفة اسمه أو جنسه أو دينه. قلمي المسنونُ مُصوّبٌ نحو قلب الظالم للذود عن حق المظلوم، دون النظر لعقيدة الظالم والمظلوم، أو نوعهما أو لونهما أو جنسهما. هذا ما نذرتُ له قلمي، وأدفع ثمنه غاليًا، راضيةً مرضية، نتيجةَ سوء فهم البعض حينًا، ونتيجة بُغض الظالم لمن يشير عليه، أحيانًا أخرى.
لهذا استهولتُ تجريد امرأة من جلبابِها وسحلها عاريةً في طرقات الصعيد على مرأى من شيوخ القبيلة الغلاظ. لم أعبأ بُعمرها ولا بديانتها ولا بموقعها الاجتماعي. فهي أنا، وفقط. ولهذا رأيتُ أن النظر إلى تلك الجريمة من زاوية الطائفية، يُعدُّ تقزيمًا لغول ضخم أبشع وأقبح من الطائفية. غول “انهيار الإنسان”. فالإنسانية تسبق الديانات والطوائف والمذاهب. حين تخرج عن مظلّة الإنسانية، فلا يحقُّ لنا أن نسألك أي دين تعتنق. لأن العقائد لم تنزل إلا للبشر، فإن لم تكن بشرًا، فأنت غير مُكلّف وغير مُعتقِد.
أحزنتني التعليقات الطائفية التي قرأتُها على صفحتي حول الواقعة. قلتُ لقرّائي: لا تَجرّوا الجريمة من الخانة الأخطر إلى الخانة الأقل خطرًا. فجريمة تعرية سيدة أخطرُ كثيرًا من أن تكون جريمة طائفية. امرأة مستضعفةٌ فقيرة، مسّنة كانت أو غير مسنّة، يهودية أو مسيحية أو مسلمة أو لا دينية، إذلالُها وإهانتُها على مرأى من شيوخ القبيلة وبمباركتهم وتهليلهم وتكبيرهم، هو أمر أخطر كثيرًا من الطائفية الضيقة. لهذا غضب من تلك الجريمة كل من هو (إنسان)، وليس المسيحي أو المسلم.
تلك لحظة تنهارُ فيها الإنسانية، وليس العقائد. هي لحظة الاطمئنان إلى غياب المساءلة فيُساءُ الأدب. هي لحظة لابد من أن نقف فيها أمام المرآة لنشاهد سوءاتنا فنسارع بمواراتها قبل أن يلمحها الغرباء. هي لحظة علينا أن نُقرّ فيها بأننا لا نستحق لقب: “إنسان”. أحزنتني التعليقات الطائفية لأنني شاهدتُ فيها خزيًا لا يقلّ عن خزي من يقتلوننا كل يوم بدم بارد. وجدتُ فيها تسطيحًا لهول عظيم، يراه البعضُ مجرد محنة طائفية. هولُ عظيم. حين يتجرأ رجلٌ على امرأة في عمر أمّه ليُعريّها ويسحلها على التراب. هولٌ تهتز له السموات والأرض. هولٌ تُغمِضُ السماءُ عنه عيونها حتى لا تشاهد قبحَنا. لحظة تتساءلُ فيها السماءُ: على مَن أنزلتُ دياناتي، ولأي غرض؟ العقائد نزلت من أجل تهذيبنا وزرع القيم الرفيعة داخلنا، فإن لم تفعل فنحن لا نستحقّ العقائد، ولا نستحق الحياة ذاتها.
على كل إنسان منّا الآن أن يقف أمام مرآة نفسه ويسألها: بماذا أفادني ديني؟ هل صرتُ أرقى وأنقى وأتقى وأجمل وأنظف وأطيب وأرحم وأكرم وأصدق؟ إن كانت الإجابة: “لا”، فإننا لا نستحقُّ الهواء الذي يدخل صدورنا كل نهار، ولا نستأهل صوت العصافير التي تغرّد حين يرسلها اللهُ كل فجر لكي نتعلم أن نكون رحماء وطيبين.
تلك الواقعة االبغيضة هي اختبارٌ حاسم لكل إنسان. فتّشوا عن الصندوق الأسود داخلكم. هل إنسانيتكم بخير؟
https://www.youtube.com/watch?v=v=LZTi7z40vR4
https://www.youtube.com/watch?v=v=l0uLYUzyYTs
https://www.youtube.com/watch?v=v=dCof-cSOhUU&t=320s
للمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزيد:
كتاب “عشاق الموت” : سعيد شعيب وتوماس كويجن يقتحمان حصون التطرف في كندا
الإسلام عقيدة أيدولوجية أخطر من النازية والفاشية وعلى الجميع كشفها ومحاربتها – المقدمة
الإسلام عقيدة أيدولوجية أخطر من النازية والفاشية وعلى الجميع كشفها ومحاربتها جـ 1
الإسلام عقيدة أيدولوجية أخطر من النازية والفاشية وعلى الجميع كشفها ومحاربتها جـ 2
الإسلام عقيدة أيدولوجية أخطر من النازية والفاشية وعلى الجميع كشفها ومحاربتها جـ 3
الأبعاد السيكولوجية والسوسيولوجية للتطرف والإرهاب الإسلامي
للكبار فقط (+ 18): هل كان الرسول محمد (ص) شاذاً لوطي ؟
الخليفة عمر ابن الخطاب يقر ويعترف بأنه لوطي وشاذ جنسياً
شذوذ النبي محمد (ص) مع زاهر بن حرام (ر)
للكبار فقط (+18) : رهط من الصعاليك العراة ينتهكون عرض النبي محمد (ص) ويركبونه حتى الصباح
محمد يأتيه الوحي وهو فى ثوب عائشة
الشَّبَقُ الْجِنْسِيُّ عِنْدَ قَثْم بْن عَبْدِ اللَّات المكني بمحمد ابن أمنه
أخلاق إسلامية (1): وإن زني وإن سرق
أخلاق إسلامية (2) : لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله
أخلاق إسلامية (3) : ينكح بلا قانون ويقتل بلا شريعة
أخلاق إسلامية (4): أصول السباب الجنسي
أخلاق إسلامية (5): اغتيال براءة الأطفال
أخلاق إسلامية (6) : استعارة فروج النساء