خالد منتصر .. متى يتصالح المسلمون مع العالم؟

متى يتصالح المسلمون مع العالم؟
خالد منتصر
صار أهم مقالب الكاميرا الخفية فى شارع الشانزليزيه بباريس هو أن تهتف «الله أكبر» فى وسط حشود المارة والسياح وتترك حقيبة على الرصيف وتجرى!! ستجد تلك الحشود فجأة، وبدون اتفاق مسبق، تنفضّ من حولك وتندفع فى ذعر وهلع وعشوائية وفى أحداقها المتسعة رعب هو قمة الكوميديا السوداء وذروة مسرح العبث!
صارت أسماء «محمد وعلى وعمر ومحمود» على جوازات السفر فى مطارات العالم مبرراً للاحتجاز والبهدلة والريبة والشك والتوجس. كثير من الجاليات الإسلامية فى أوروبا تسعى لجيتوهات خاصة منسلخة عن مجتمعها الذى هاجرت إليه والذى يدعمها ويبنى لها مساجد من ضرائب أبنائه، وبرغم ذلك يستعصون على الاندماج فى تلك المجتمعات، بل ويمارس أبناؤهم من الشباب الإرهاب ضدها!! لماذا المسلمون فقط والآن هم الأسماء التى تتردد فى جميع العمليات الإرهابية، للأسف الشديد، من «بوكو حرام» و«القاعدة» فى نيجيريا ومالى إلى «داعش» وأذيالها فى فرنسا وبلجيكا؟! لا بد أن نواجه هذا السؤال بشجاعة ونعترف ولا ندفن رؤوسنا وأمخاخنا المتصحرة فى رمالنا الحارقة.
«الله أكبر»، تلك العبارة المقدسة التى بدلاً من أن تبث الطمأنينة وتقهر اليأس من أى عارض طارئ لأن «الله أكبر» وحتماً سيمد يده إليك ويحنو عليك وينقذك، بدلاً من هذا المعنى صارت «الله أكبر» افتتاحية طقس ذبح بالسكين أمام الكاميرات، أصبحت «أوفرتيرا» لموسيقى الدم النازف والأشلاء المبتورة والبطون المبقورة، أضحت من مشهيات أضاحى البشر التى يتناولها تتار العصر الحديث الداعشيون قبل منيو التفجير والتفخيخ والأحزمة الناسفة ببهارات الجلود المحروقة والأمعاء المشوية!
قديماً قال الكاتب الإنجليزى «كيبلنج»: «الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا».
فى زمن التنوير حاول طه حسين ورفاقه دحض هذه المقولة، وما إن بدأت بذور التنوير فى منحنا الزهور والبراعم حتى اكتشفنا أننا كنا نلفّق لا نوفّق! وسرعان ما أجهض رشيد رضا أفكار أستاذه محمد عبده وبدأت جحافل الجهل والتجهيل السير فى طريق الندامة ودرب اللى يروح ما يرجعش.
الغرب معذور حين ينتابه هذا العصاب ويعيش تلك الفوبيا، فالإسلام عنده هو المسلمون، والمرادف الإنسانى لهذا الدين أمامه هو سلوكيات أبنائه، والمعادل الموضوعى لأفكاره هو تصرفات هؤلاء البشر الذين يحملون بطاقات هويته.
ولا يحاول أحد طرح تلك المقولات والمبررات الوهمية الهلامية من قبيل «لماذا لا يطّلع هؤلاء الأوروبيون والأمريكان على القرآن وعلى كتبنا الإسلامية حتى يتعرفوا على الإسلام الصحيح؟»،
هذا سؤال استسهالى ينطلق فى حواراتنا بشكل إسهالى، فبدلاً من أن يجعل كل منا من نفسه قرآناً يمشى على الأرض يظل يصرخ: «انتم ليه مابتقروش كتبنا يا صليبيين يا كفرة؟!!»، ولا يسأل نفسه لكى يعرف صعوبة بل استحالة تحقيق هذا للمواطن الأمريكى أو الأوروبى العادى المشغول بحياته وعمله.
لم يسأل نفسه: قبل أن أطالب البوذى بقراءة كتابى هل قرأت أنا كتاب البوذية أو الكونفوشيوسية، وهل أنا أعترف داخلياً بحقهم فى التفكير الحر واعتناق واعتقاد ما يشاءون؟، وبالطبع ينسحب هذا على باقى الكتب والثقافات، لذلك لا بد أن يُطرح هذا السؤال بقوة: متى نتصالح وكيف سنتصالح مع هذا العالم من حولنا؟ فنحن نخاصمه فكرياً ونتسول منجزاته مادياً ثم نريد تفجيره بالسلاح الذى نستورده منهم ولا نقدر على صناعة مسمار فيه!! إنه قمة العبث واللامنطق.
قبل أن نطلب إجابة هذا السؤال عن توقيت وكيفية تصالحنا مع العالم، لا بد أن نناقش أسباب خصام المسلمين مع العالم وصعوبة اندماجهم فى تلك الحداثة بمجتمعاتها وأفكارها وقيمها، ولماذا يتحول هذا الخصام من مجرد خصام فكرى وقطيعة معرفية وعزلة اجتماعية إلى عدوانية وإرهاب وكراهية وتربص وتفخيخ وانتحار وتدمير؟!،
حاول علماء الاجتماع فى نهاية السبعينات مع بداية تنامى ظاهرة الإرهاب تحليل تلك الظاهرة ومعرفة أسبابها ودوافعها، عرضوا علينا كل بضاعة النظريات من كافة المدارس وكنا نحفظها عن ظهر قلب ونستريح نتيجة إلقاء عبء فهمها على تلك الأسباب التى للأسف لم تفسرها بل زادتها وزادتنا اضطراباً وتشويشاً، اتهموا الفقر وقالوا إنه المجرم الحقيقى والفاعل المستتر خلف كل العمليات الإرهابية، وعندما ظهر بن لادن ابن أغنى عائلة سعودية والذى تلقى تعليمه فى أرقى جامعات الغرب ومعه الظواهرى سليل الحسب والنسب الذى يمتد إلى «الظواهرى» شيخ الأزهر ومنارة الطب من ناحية الأب، و«عزام» أول أمين عام لجامعة الدول العربية من ناحية الأم، سقطت حتمية تلك التفاسير السهلة، ذهبوا ناحية مستوى التعليم فقالوا إنه الجهل صانع الإرهاب، واجهنا الظواهرى رافعاً شهادة دكتوراه الجراحة، وزعماء الإخوان من أساتذة الجامعة مهندسون وأطباء وصيادلة ومعهم الانتحارى محمد عطا الذى فجر برجى التجارة فى أحداث سبتمبر هو ومجموعته والذى كانت شهادته من هامبورج فى تخطيط المدن تقبع فى شنطة الهاندباج التى احترقت مع جثته!!، اتجه علماء الاجتماع إلى حل آخر لتفسير ظاهرة الإرهاب بالتفسير المكانى الجغرافى، من يعيش فى ثقافة البداوة لا بد أن تكون احتمالات تشربه للفكر الإرهابى واقتناعه واعتناقه له كبيرة، أما من سيعيش فى بلاد النور والتحضر والحداثة كفرنسا ويتعلم تعليمها وينخرط فى مجتمعاتها ومنتدياتها ومسارحها وأوبراتها.. إلخ حتماً لن يكون إرهابياً، وكأن القدر يلعب مع علماء الاجتماع لعبة توم وجيرى، إذا بفرنسيين مسلمين مولودين فى فرنسا ومن أصل عربى يفجرون ويطلقون الرشاشات على رسامين فى مجلة ساخرة ثم على رواد مسرح ومطعم وملعب كرة قدم،
وهنا يثار تساؤل: لماذا لم تؤثر فيهم الثقافة الفرنسية العلمانية ومدارسها المتفتحة؟،
لماذا لم يعودوا إلى مجتمعاتهم العربية المسلمة التى يجدون فيها اليوتوبيا والجنة الموعودة والإسلام الصحيح؟!،
هذا هو الحل الأسهل بدلاً من القتل والتدمير والتفخيخ، المدهش أن كثيراً منهم فى فرنسا وغيرها من بلاد أوروبا وأمريكا مرتباتهم عالية وحياتهم رغدة، ومن يعانى منهم من بطالة يقبض معونة من الدولة التى يكفّرها!!،
يرى أمريكى مسلم باكستانى كيف يتعامل الأمريكان مع المعوقين على سبيل المثال بمنتهى الرقة والإنسانية والاهتمام ثم عندما يقرر إطلاق النار يختار هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة!!، يهاجر أحدهم من شمال أفريقيا إلى بلجيكا والآخر من جحيم سوريا إلى اليونان معرَّضاً للغرق والموت فى قارب كسيح مشتاقاً للوصول إلى شاطئ أى مدينة أوروبية ليشكلا خلية إرهابية لتفجير أوروبا!!،
تبنى أوروبا لهم المساجد من ضرائب أبنائها وتسمح للسعودية وغيرها ببناء مراكز إسلامية فخمة ممتدة بطول أوروبا وأمريكا وعرضها، لتصبح هذه المساجد والمراكز للأسف منصة إطلاق صواريخ التكفير على رؤوس مواطنى تلك البلاد التى تندهش وتتساءل: «عملنا فيهم إيه الناس دول عشان يعملوا معانا كده؟!»، بعد اليأس من كثرة التحليل ومطاردة الأسباب قال الباحثون فى علم الاجتماع وشئون الإسلام السياسى إنه الفن، من يتذوق الموسيقى لن يذهب إلى حيث أمير الجماعة ولن يحمل السكين ليذبح إنساناً، حتى ظهر لنا المطرب الجهادى فضل شاكر، والذى كنا نراهن على عذوبة صوته ورقى إحساسه!!، إذن أين المشكلة؟
، ما السبب فى هذا الخصام وتلك القطيعة بين المسلم والحداثة؟، لماذا هذا الإحساس العدوانى تجاه الغرب؟، بالإضافة إلى تلك الأسباب من المؤكد أن الأساس والجذر هى أفكار قابعة فى بطون كتب المسلمين قد خلقت هذا الخصام وتلك العدوانية التى تفوقت على -وابتلعت فى جوفها- أى أفكار أخرى تحض على السلام والمحبة.
https://www.youtube.com/watch?v=QtAfizud-ok
https://www.youtube.com/watch?v=WuXuC939JKM
https://www.youtube.com/watch?v=ReamJSAaDF0
المـــــــــــــــــزيد:
مصر.. الأزهر يحذر موقع “أمازون” من أمر خطير
الشعراوي وجبهة علماء الأزهر أباحوا دم الكاتب الشهيد فرج فودة، وطالبوا بعدم محاسبة القاتل
للكبار فقط (+ 18): هل كان الرسول محمد (ص) شاذاً لوطي ؟
الخليفة عمر ابن الخطاب يقر ويعترف بأنه لوطي وشاذ جنسياً
شذوذ النبي محمد (ص) مع زاهر بن حرام (ر)
للكبار فقط (+18) : رهط من الصعاليك العراة ينتهكون عرض النبي محمد (ص) ويركبونه حتى الصباح
محمد يأتيه الوحي وهو فى ثوب عائشة
مُحاكَمَة صَلعَم مُدَّعِي النَبُوة.. مَطلَبٌ وَنَصرٌ للإنسانِية